◄يُقال: إنّه في الاختلاف سعة؛ إلّا أنّ الكثير من ريادي الأعمال ومدراء المشاريع يرون أنّ الاختلاف في المجال المهني قد يكون سبباً في قلّة الإنتاجية وكفاءة الموظفين، ما يُحدث ضرراً على البيئة التنظيمية، ويُقلل من العائد التجاري المرجو للمنظمة سواءً من ناحية السُمعة الاقتصادية أو الإيراد المادي، ولكن هل من الممكن تحويل تلك الخلافات إلى أداة للإلهام والإبداع في بيئة العمل؟

يُجيب على ذلك، رجائي باحاج، أخصائي الموارد البشرية ومدرب التطوير القيادي وتطوير الأداء، الذي بيّن أن الخلافات في العمل تنقسم إلى قسمين: منها خلافات سوية وأخرى غير سوية، و«الخلافات السوية هي تلك الخلافات التي يكون منشؤها اختلاف القيم والأولويات الشخصية والمهنية لدى كلّ فرد، أمّا الخلافات غير السوية فهي تلك التي منشؤها الحسد والحقد أو القيم الأخلاقية الخاطئة».

 

ما هو الإبداع وكيف ينشأ؟

الإبداع هو الإتيان بأفكار جديدة غير مألوفة، وحتى يتولد الإبداع يحتاج إلى عدة عوامل منها:

– وجود بيئة آمنة لوجهات النظر المختلفة.

– التنوع والتعددية بين أعضاء الفريق.

– مهارة الاستماع لدى أعضاء الفريق.

– الحوار الراقي والذي يحتوي على نقاش وتلاقح أفكار بعيداً عن الشخصنة والأطماع الشخصية.

 

الاختلافات تأتي من اختلاف القيم المهنية أو الشخصية!

ولفت رجائي إلى أن الخلافات التي سببها الاختلاف في القيم الشخصية لدى كلّ فرد تعني أن كلّ شخص لديه مجموعة من القيم الشخصية التي يعطيها أولوية في كلّ شيء، بل ويعتبرها خطوطاً حمراء، وهذه القيم تختلف بطبيعة الحال من شخص لآخر بناء على التكوين الثقافي والشخصي والعلمي والعملي المهني لكل فرد. وقال: «فعلى سبيل المثال لا الحصر، أحد أعضاء الفريق لديه قيمة (الإنجاز)، ودائماً يعطيها أولوية وأهمية على غيرها من القيم، وشخص آخر لديه قيمة (الجودة) هذان الشخصان حين يكونان في اجتماع ما، وفي نقاش ما، ربما يحصل بينهما خلاف؛ حيث الأول يرى أن الأهم أن ننجز وننتهي بغض النظر عن الجودة، والثاني يرى أن الأهم أن يكون العمل متقناً وبجودة عالية، ويكون بأعلى المعايير حتى لو سبب ذلك تأخيراً أو قلّة في الكمية، في هذه الحالة يكون الاختلاف واعياً، ويتم النظر في الأمر حتى يتمّ الجمع بين الاثنين، فيكون العمل متقناً وبجودة عالية، وفي الوقت نفسه يتم إنجازه حسب موعد يتناسب مع الشخصين، ومن هنا يتم التفكير بطريقة جديدة وخارجة عن المألوف؛ للبحث في الحلول بطريقة مختلفة، فتأتي الأفكار الإبداعية».

 

بيئة الاختلاف بيئة صحية

مثال آخر: شخص خلفيته هندسية يهتم بالمنطق، وشخص آخر خلفيته فنية يهتم بالجماليات، حضور هذين الشخصين في أحد النقاشات أو الحوارات، قد يولد أفكاراً إبداعية خلاّقة بسبب التباين والاختلاف بشرط وجود الوعي بين الطرفين؛ لذا فالبيئة التي تحتوي على وجهات نظر مختلفة هي بيئة صحية ومشجعة للابتكار، أمّا البيئات النمطية التي يكون فيها دائماً شبه إجماع فهي بيئات هادمة للإبداع ومحطمة له.

 

تحويل الخلافات إلى أداة للإبداع

1- إيجاد ثقافة مشتركة بين القائد والفريق وبين أعضاء الفريق مع بعضهم البعض، بغرض إيجاد إطار عام ومشترك. ولتكون الخلافات صحية أكثر ومشجعة للإبداع أكثر، نحتاج إلى الموازنة بين إيجاد قيم مشتركة في بيئة العمل بين القائد والفريق وبين أعضاء الفريق، والتي قد يكون من ضمنها مثلاً قيمة الإبداع بغرض إعطاء أولوية وأهمية أكبر لكل ما له علاقة بالإبداع، حتى لو لم يكن ذلك يمثل أولوية للبعض.

2- إيجاد مناخ ومساحة آمنة ليُظهِر كلّ فرد في الفريق قيمه الخاصة، بغرض إظهار التنوع والتعدد في وجهات النظر المختلفة، وذلك للاستفادة منها في النقاشات والحوارات وجلسات العصف الذهني في سياق تطوير سير العمل، وتطوير أفكار إبداعية لصالح العمل، فهنا ينبغي أن يكون التركيز على التنوع والتعددية والتشجيع لإبراز كلّ شخص وجهة نظره بكل حرية ويناقش ويحلل وينقد ويبتكر، وكلّ ذلك في إطار حوارات راقية متمحورة حول الأفكار بعيدة عن الأشخاص.►

نصائح دخول عالم الأعمال
كيف تصبح موظف متفوق

Leave a Comment