يمتلك كل شخص منا فكرته الخاصة حول معنى كلمتي “قائد” و”قيادة”، إذ تُستخدم هذه الكلمات على نطاق واسع ضمن عدة بلدان ومنظمات، وأيضًا ضمن عدة سياقات، مثل السياقات الدينية والوطنية والتطوعية والمؤسساتية. ورغم تنوع تلك السياقات، تبقى هناك فكرة وحيدة مشتركة بينها عن مفهوم القيادة، وهي أن القائد هو الشخص المسؤول عن أتباعه أو عمن يقودهم.
سنشرح في هذا المقال مصطلحي “القائد” و”القيادة”، بالإضافة إلى أنواع القيادة مثل القيادة الرسمية وغير الرسمية، والقيادة قصيرة الأمد وطويلة الأمد.
تعريف القيادة
اقترح فريدريك أرناندر، في كتابه الصادر عام 2013 بعنوان “جميعنا قادة We Are All Leaders”، أن القيادة ليست مجرد منصب، بل هي عقلية.
وصرح باميديل أديمولا-أولاتيجو في مقال له في صحيفة بريميوم تايمز بنيجيريا:
يسير القائد في المقدمة، إذ يقود الطريق ويحفّز الآخرين على اتباعه من خلال تصرفاته.
كما قال نيلسون مانديلا، الزعيم الراحل لجنوب إفريقيا:
من الأفضل أن تضع الآخرين في المقدمة وتقودهم أنت من الخلف، خاصةً عندما تحتفل بالنصر بعد تحقيق إنجازات لطيفة؛ حينها سيقدّر الناس مهاراتك القيادية عندما تقف في الجبهة في وقت الخطر.
يتضح من تعريفات القيادة السابقة أن للقائد أتباع، وحسب التعريف فيجب أن تبدأ أنت أولًا ليكون هناك أشخاص آخرين يتبعونك؛ وكما يقال:
من يظن نفسه قائدًا دون وجود من يتبعه فهو يمشي فقط.
القيادة الرسمية وغير الرسمية
يتشابه تعيين القائد مع تعيين شخص في منصب المدير التنفيذي، فهو يحمل نوعًا من النفوذ والسلطة الرسمية.
يمكن للمدير التنفيذي بحكم منصبه أن يطلب من الآخرين تنفيذ مهام معينة ويتوقع أن يطيعونه، كما يمكنه أيضًا أن يفوّض سلطته لأشخاص آخرين، مثل أعضاء مجلس الإدارة أو مدراء ذوي خبرة، أو أشخاص جدد ضمن المؤسسة؛ كما يستطيع أولئك الأشخاص المفوَضين ممارسة سلطة القائد نيابةً عنه.
يعتمد القليل من القادة أو المدراء التنفيذيين على النفوذ والسلطة الرسمية التي خوّلت لهم، إذ يحتاجون دائمًا إلى سلطة غير رسمية. وتنبع السلطة غير الرسمية من الأشخاص الذين يرغبون باتباع القائد، إذ تظهر رغبتهم هذه نتيجةً لكون القائد ملهمًا أو مؤثرًا أو يخلق رؤيةً ليؤمن الناس بها؛ أو ببساطة أكثر، يفعل القائد ما يعتقد أتباعه أنه الشيء المناسب لفعله.
سيكافح أيّ قائد بدون وجود السلطة غير الرسمية من أجل تحقيق أي شيء بغض النظر عن موقعه الرسمي في المؤسسة؛ أما عندما يمتلك سلطةً رسميةً فقط، فسيوافق الناس على فعل ما يريده عند وجوده فقط، وبمجرد أن يصبحوا بعيدين عنه فلن يفعلوا شيئًا، أو قد يفعلون شيئًا مختلفًا تمامًا معتقدين بأنه الشيء الصحيح الذي يتوجب عليهم فعله.
القيادة الجيدة أو السيئة؟
إن الأشخاص المعينون في المناصب القيادية ليسوا بالضرورة قادةً جيدين، وذلك لسوء حظ المنظمات والأفراد. من الصعب تعريف القيادة الجيدة أو حتى تحديد الجوانب الجيدة للقيادة، ومع ذلك يبقى من السهل تحديد الخلل في بعض أساليب القيادة، وهو الأمر الذي يساهم في توجيه القادة الجدد بشأن الأمور التي يجب تجنبها!
سمات القيادة المختلة
تتضمن القيادة المختلة وظيفيا بعض الأساليب التي تتسم بسمات معينة، مثل:
- القائد هو صانع القرار والحكم الوحيد في كل الأشياء: يرى هذا النهج أن القائد هو الشخص الوحيد الذي يمتلك أفكارًا أو إمكانيةً لاتخاذ قرارات خاصة بالمؤسسة، والتي يمكن أن تكون شركةً أو عائلة أو حتى مجموعة تطوعية صغيرة. يجب أن يكون باقي أعضاء المؤسسة تابعين للقائد، ولا يبادرون أو يتخذون أي قرار، كما يجب أيضًا أن لا يتحمّل هؤلاء الأشخاص أية مسؤولية تنتج عن أفعالهم.
يمثل هذا الأمر مشكلةً كبيرةً للمؤسسة ككل وللتابعين كأفراد، وذلك بسبب افتقار البيئة إلى:
- التعاون.
- المبادرة.
- الحافز لفعل أي شيء “جيد” باستثناء اتباع الأوامر.
- سبب وجيه لعدم فعل أي شخص لأشياء “سيئة” حسب القانون.
يستغرق تطور المؤسسة وقتًا طويلًا، وكذلك القرارات التي يجب اتخاذها، لذلك تتعثر المؤسسة وتصبح غير قادرة على التحرك بسرعة للاستجابة للتغييرات البيئية.
- القائد دائمًا على حق: يرتكب الجميع الأخطاء، فالخطأ جزء من الطبيعة البشرية، ولكن بعض القادة لا يعترفون بارتكابهم للأخطاء، فهم دائمًا على حق، لذلك يتعلم كل الأشخاص المتواجدين من حولهم أن الطريقة الوحيدة للنجاح في المؤسسة هي قول “نعم” للقائد.
هناك مشكلتان رئيسيتان تنتجان عن هذه الحالة:
- لا أحد على حق دائمًا، وسوف يتضح بسرعة سواءً داخل المؤسسة أو خارجها أن القائد ليس على حق دائمًا حتى لو اعتقد ذلك، إذ ستتأثر سمعة القائد، وسيجد صعوبةً أكبر في ممارسة السلطة غير الرسمية، وسينعكس ذلك التأثير عليه أيضًا خارج المؤسسة.
- لن يرغب أحد في خوض أي تحدٍ، حتى لو كان يعلم بأنه على خطأ، فالرغبة في مناقشة الأفكار هي علامة على وجود مؤسسة صحية وقادرة على التجربة والابتكار، وسيؤدي الفشل في التفكير أو التحيز إلى ظهور أفكار سيئة تؤدي إلى الفشل التنظيمي ضمن المؤسسة.
تكمن المشكلة الكبرى في هذين النموذجين في أنه كلما طال بقاء القائد في المنصب كان من الصعب على المؤسسة التعافي، إذ سيصبح القائد أقل تسامحًا مع الفكر المستقل، وأقل قدرةً على تبنيه، وقد تواجه المؤسسة صعوبةً في التخطيط للتعاقب الإداري بعد تقاعد القائد.
أظهرت التجارب السابقة ما يلي:
- تميل العائلات التي تضم آباء مسيطرين لأن تكون عائلةً مختلةً وظيفيًا.
- تميل الدول التي تُعظِم القائد بطريقة مُبالغ بها إلى المعاناة على المدى الطويل، إذ تمكّن عدد قليل من الحكام من تسليم السلطة إلى الجيل التالي، وذلك بغض النظر عن الملكيات الوراثية، وغالبًا ما كانت نقطة الخلافة هي النقطة التي توقفت عندها الدولة بوضوح وقالت “لا، كفى”؛ وذلك بدءً من تاريخ حكم أوليفر كرومويل وحتى ظهور الأنظمة الشمولية الحديثة.
- تفشل الشركات التي يحكمها المؤسس بيَدٍ حديدية عندما يتوفى هذا المؤسس أو يتقاعد، حتى لو كانت هذه الشركات تُهيئ أحدًا لتولي المسؤولية، إذ نلاحظ عدم وصول أعداد كبيرة من الشركات العائلية إلى الجيل الثاني أو الثالث.
القادة الناشئين
تتعلق معظم مفاهيم القيادة التي وردت في المقال بالمناصب الرسمية للقيادة، وتشير الكثير من الأدلة إلى أن أي شخص يمكنه القيادة، حتى لو لفترة قصيرة، ولا توجد حاجة لأي تعيين رسمي لاختيار القادة. وفيما يلي أمثلة عن القيادة الناشئة:
- ليشير طفل في الملعب إلى مجموعة من الأطفال ليلعبوا لعبة الغميضة معًا، فستكفي جملة “دعونا نلعب الغميضة” لمنح هذا الطفل دورًا قياديًا، وذلك بشرط موافقة الأطفال الآخرين. ويستمر هذا الدور لفترة قصيرة، كما قد يدوم لفترة أطول بعد تحديد من يجب أن يكون الباحث في اللعبة الأولى.
- اقتراح عضو في نادي الكتاب عنوانًا معينًا للقراءة، أو الوقت المناسب لبدء المناقشة أو الانتقال إلى السؤال أو القضية التالية لمناقشتها.
- اقتراح أحد أعضاء الفريق في شركة ما كيفية تنسيق الفريق لفترات استراحة الغداء، وذلك عندما يكون مدير الفريق مريضًا.
- يُظهر شخص ما النضج والهدوء عند اقتراح تغييرات صعبة في العمل، ويصوغ السلوكيات التي يرغب المدراء برؤيتها عند الجميع.
- يقوم شخصٌ ما في مكان الحادث بدور تنسيقي لفترة وجيزة، قد يُقدم على سبيل المثال الإسعافات الأولية ويطلب من شخصٍ ما الاتصال بالطوارئ، وقد يُنظر إليه على أنه القائد حتى وصول خدمات الطوارئ، أو قد يُنظر إليه على أنه قادر على تسليم القيادة إلى شخص أكثر تأهيلًا، مثل أحد المارة الذي يمتلك مؤهلات مناسبة.
ما هو الفرق بين القائد والمدير؟
يستخدم الأشخاص في الغالب مصطلحي “مدير” و”قائد” كمصطلحين مترادفين، ومن الممكن أن يكون الشخص قائدًا ومديرًا في نفس الوقت، ولكن هل يعبران في الحقيقة عن الأمر نفسه؟ ربما لا، لأنه من الممكن أن يكون الشخص قائدًا دون أن يكون مديرًا، كما قد يكون مديرًا دون أن يكون قائدًا، وتنتشر جملة شائعة تقول: “يفعل القادة الشيء الصحيح، في حين يفعل المدراء الأشياء بطريقة صحيحة”، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة.
سنشرح في الآتي الفرق بين المدراء والقادة، ونستعرض الاختلافات في المواقف والمسؤوليات والنهج والهدف، وغيرها من الأمور المهمة.
أوجه التشابه والاختلاف
توجد العديد من أوجه التشابه بين القادة والمدراء، لكنها تصبح أقل عند محاولة الاختيار بينهما ضمن السياق التنظيمي، فقد يكون كلاهما “مسؤولًا” على رأس مؤسسة.
توجد بعض الفروقات الحقيقية بين المصطلحين، إذ أن المدراء مرتبطون حتمًا بالمؤسسات، ولكن القادة موجودين حتى خارج السياق التنظيمي، فبعض القادة العظماء في العالم على سبيل المثال، قد ألهموا الآخرين دون أي هيكل تنظيمي من حولهم.
أحد الفروق المحتملة هو أن القادة يوجِّهون ويرشدِون، بينما المدراء يديرون، ويشير هذا التمييز المتأصل في تعريفات القاموس إلى أن القادة يُظهرون الطريق؛ أما المدراء، فهم من يسمحون بحدوث ذلك، حيث يخلق القادة رؤيةً ملهمةً ويختار الناس اتباعها، ويصبح المدراء مسؤولين عن تحويل الرؤية إلى خطة عمل لتحقيق المؤسسة لرؤية القائد.
تنتشر فكرة بأن القادة لديهم أتباع، وأن المدراء لديهم أشخاص يقدّمون التقارير إليهم، أيّ أن أولئك الذين يعملون لدى المدير ليس لديهم خيارات كثيرة، ولكن التبعية اختيار. وتثير هذه النقطة الجدل في السياق التنظيمي، إذ لا يملك الموظفون سوى القليل من الخيارات حول ما إذا كانوا سيتبعون مدير المؤسسة أم لا.
- تدور القيادة حول طرح السؤالين “ماذا؟” و”لماذا؟” وتمكين الأفراد من خلال منحهم المسؤولية لفعل الأشياء بطريقة صحيحة، إذ يتعامل القادة مع الناس ومع عواطفهم.
- يسأل المدراء “كيف؟” ويتعاملون مع العمليات والنماذج والأنظمة، أي يتعاملون مع الأشياء.
نشأ هذا التمييز على يد وارن بينيس Warren Bennis، وهو أستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا، فقد صاغ العبارة المذكورة سابقًا: “يفعل القادة الشيء الصحيح، في حين يفعل المدراء الأشياء بطريقة صحيحة”، واقترح أن هذا التمييز يكمن في طريقة التفكير في الأشياء، أي إذا كان الشخص يفكر في فعل الشيء بطريقة صحيحة، فهو يميل إلى التفكير في آليات أو كيفية إنجاز المهمة المطلوبة، وهذا ما يفعله المدير.
إنّ فعل الشيء الصحيح هو مفهوم أكثر فلسفيةً، ويحفّز الشخص على لتفكير في المستقبل والرؤية والأحلام، وهذا هو دور القائد. لقد حدد بينيس بعض الفروق الأخرى المتمثلة في الآتي:
المدير |
القائد |
يدير |
يبتكر |
يحافظ |
يطوّر |
يركّز على الأنظمة والهيكلية |
يركّز على الأفراد والعواطف |
يتحكم في الأنظمة والأفراد |
يُلهم الأفراد |
يقبل الطريقة التي تسير بها الأشياء |
يتحدى الطريقة التي تسير بها الأشياء |
لديه رؤية قصير المدى |
لديه منظور بعيد المدى |
يدير المهام |
يدير الأفراد |
القادة مجازفون والمدراء حريصون؟
يوجد فرق آخر بين القادة والمدراء يتعلق بالمخاطر التي سيتحملها كلّ واحدٍ منهم، إذ يميل المدراء لتجنب المخاطرة، ولكن القادة هم أكثر مجازفةً وعرضةً للمخاطرة، وذلك لأن القادة يهتمون بتحقيق رؤيتهم، لذلك يَعدّون أنه من الطبيعي مواجهة المشكلات والحواجز على طول الطريق، ويكونون في الغالب أكثر ارتياحًا للمخاطرة، وبالتالي يدركون أن الطريق لتحقيق رؤيتهم ليس دائمًا هو الطريق الأسهل.
يعني ذلك أنّ:
- يحاول القادة تحويل المشكلات إلى فرص، وكسر القواعد لإنجاز الأمور.
- يميل المدراء إلى التركيز على الوضع الحالي، ومحاولة تقليل المخاطر إلى أدنى حدٍّ ممكن.
يميل القادة إلى تحدّي الوضع الحالي، بينما يركّز المدراء أكثر على الاحتفاظ به. لقد تغيّرت مؤخرًا المواقف تجاه المخاطرة نتيجةً لعددٍ من فضائح الشركات الكبرى، لذلك قد يكون هذا الاختلاف أقل بكثيرٍ مما كان عليه في السابق.
القيادة والإدارة والخصائص الشخصية
توجد اختلافات في كل ما يفعله القادة والمدراء، وما هم أو ما يملكون، وخصائصهم ومهاراتهم الشخصية، وتتطلب القيادة سمات ومهارات معينة لا تتطلبها الإدارة، إذ يتمتع العديد من القادة بشخصية جذابة جدًا، وهي جيدة أيضًا في تكوين رؤى ملهمة.
يمتلك المدراء أيضًا مهارات قد لا يمتلكها القادة، فهم جيدون في العمل مع الناس وإخراج أفضل ما لديهم على المستوى الفردي، كما يمكنهم تفويض العمل وتحفيز الآخرين.
تحتاج المنظمات إلى كل من القادة والمدراء
تتداخل أدوار القادة والمدراء غالبًا، بحيث قد لا يكون واضحًا من هو القائد في أيّ موقف. مع ذلك، تحتاج المنظمات بلا شك إلى المهارات “التقليدية” سواء من القادة أو من المدراء بهدف الاستمرار في العمل، وهذه المهارات هي أن يكون الشخص كثير الرؤى ومؤثرًا وذو مهارات تنظيمية روتينية، وقد توجد هذه المهارات في نفس الشخص، أو قد تتطلب أشخاصًا مختلفين في أوقات مختلفة.
يمتلك كل شخص منا فكرته الخاصة حول معنى كلمتي “قائد” و”قيادة”، إذ تُستخدم هذه الكلمات على نطاق واسع ضمن عدة بلدان ومنظمات، وأيضًا ضمن عدة سياقات، مثل السياقات الدينية والوطنية والتطوعية والمؤسساتية. ورغم تنوع تلك السياقات، تبقى هناك فكرة وحيدة مشتركة بينها عن مفهوم القيادة، وهي أن القائد هو الشخص المسؤول عن أتباعه أو عمن يقودهم.
سنشرح في هذا المقال مصطلحي “القائد” و”القيادة”، بالإضافة إلى أنواع القيادة مثل القيادة الرسمية وغير الرسمية، والقيادة قصيرة الأمد وطويلة الأمد.
تعريف القيادة
اقترح فريدريك أرناندر، في كتابه الصادر عام 2013 بعنوان “جميعنا قادة We Are All Leaders”، أن القيادة ليست مجرد منصب، بل هي عقلية.
وصرح باميديل أديمولا-أولاتيجو في مقال له في صحيفة بريميوم تايمز بنيجيريا:
كما قال نيلسون مانديلا، الزعيم الراحل لجنوب إفريقيا:
يتضح من تعريفات القيادة السابقة أن للقائد أتباع، وحسب التعريف فيجب أن تبدأ أنت أولًا ليكون هناك أشخاص آخرين يتبعونك؛ وكما يقال:
القيادة الرسمية وغير الرسمية
يتشابه تعيين القائد مع تعيين شخص في منصب المدير التنفيذي، فهو يحمل نوعًا من النفوذ والسلطة الرسمية.
يمكن للمدير التنفيذي بحكم منصبه أن يطلب من الآخرين تنفيذ مهام معينة ويتوقع أن يطيعونه، كما يمكنه أيضًا أن يفوّض سلطته لأشخاص آخرين، مثل أعضاء مجلس الإدارة أو مدراء ذوي خبرة، أو أشخاص جدد ضمن المؤسسة؛ كما يستطيع أولئك الأشخاص المفوَضين ممارسة سلطة القائد نيابةً عنه.
يعتمد القليل من القادة أو المدراء التنفيذيين على النفوذ والسلطة الرسمية التي خوّلت لهم، إذ يحتاجون دائمًا إلى سلطة غير رسمية. وتنبع السلطة غير الرسمية من الأشخاص الذين يرغبون باتباع القائد، إذ تظهر رغبتهم هذه نتيجةً لكون القائد ملهمًا أو مؤثرًا أو يخلق رؤيةً ليؤمن الناس بها؛ أو ببساطة أكثر، يفعل القائد ما يعتقد أتباعه أنه الشيء المناسب لفعله.
سيكافح أيّ قائد بدون وجود السلطة غير الرسمية من أجل تحقيق أي شيء بغض النظر عن موقعه الرسمي في المؤسسة؛ أما عندما يمتلك سلطةً رسميةً فقط، فسيوافق الناس على فعل ما يريده عند وجوده فقط، وبمجرد أن يصبحوا بعيدين عنه فلن يفعلوا شيئًا، أو قد يفعلون شيئًا مختلفًا تمامًا معتقدين بأنه الشيء الصحيح الذي يتوجب عليهم فعله.
القيادة الجيدة أو السيئة؟
إن الأشخاص المعينون في المناصب القيادية ليسوا بالضرورة قادةً جيدين، وذلك لسوء حظ المنظمات والأفراد. من الصعب تعريف القيادة الجيدة أو حتى تحديد الجوانب الجيدة للقيادة، ومع ذلك يبقى من السهل تحديد الخلل في بعض أساليب القيادة، وهو الأمر الذي يساهم في توجيه القادة الجدد بشأن الأمور التي يجب تجنبها!
سمات القيادة المختلة
تتضمن القيادة المختلة وظيفيا بعض الأساليب التي تتسم بسمات معينة، مثل:
يمثل هذا الأمر مشكلةً كبيرةً للمؤسسة ككل وللتابعين كأفراد، وذلك بسبب افتقار البيئة إلى:
يستغرق تطور المؤسسة وقتًا طويلًا، وكذلك القرارات التي يجب اتخاذها، لذلك تتعثر المؤسسة وتصبح غير قادرة على التحرك بسرعة للاستجابة للتغييرات البيئية.
هناك مشكلتان رئيسيتان تنتجان عن هذه الحالة:
تكمن المشكلة الكبرى في هذين النموذجين في أنه كلما طال بقاء القائد في المنصب كان من الصعب على المؤسسة التعافي، إذ سيصبح القائد أقل تسامحًا مع الفكر المستقل، وأقل قدرةً على تبنيه، وقد تواجه المؤسسة صعوبةً في التخطيط للتعاقب الإداري بعد تقاعد القائد.
أظهرت التجارب السابقة ما يلي:
القادة الناشئين
تتعلق معظم مفاهيم القيادة التي وردت في المقال بالمناصب الرسمية للقيادة، وتشير الكثير من الأدلة إلى أن أي شخص يمكنه القيادة، حتى لو لفترة قصيرة، ولا توجد حاجة لأي تعيين رسمي لاختيار القادة. وفيما يلي أمثلة عن القيادة الناشئة:
ما هو الفرق بين القائد والمدير؟
يستخدم الأشخاص في الغالب مصطلحي “مدير” و”قائد” كمصطلحين مترادفين، ومن الممكن أن يكون الشخص قائدًا ومديرًا في نفس الوقت، ولكن هل يعبران في الحقيقة عن الأمر نفسه؟ ربما لا، لأنه من الممكن أن يكون الشخص قائدًا دون أن يكون مديرًا، كما قد يكون مديرًا دون أن يكون قائدًا، وتنتشر جملة شائعة تقول: “يفعل القادة الشيء الصحيح، في حين يفعل المدراء الأشياء بطريقة صحيحة”، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة.
سنشرح في الآتي الفرق بين المدراء والقادة، ونستعرض الاختلافات في المواقف والمسؤوليات والنهج والهدف، وغيرها من الأمور المهمة.
أوجه التشابه والاختلاف
توجد العديد من أوجه التشابه بين القادة والمدراء، لكنها تصبح أقل عند محاولة الاختيار بينهما ضمن السياق التنظيمي، فقد يكون كلاهما “مسؤولًا” على رأس مؤسسة.
توجد بعض الفروقات الحقيقية بين المصطلحين، إذ أن المدراء مرتبطون حتمًا بالمؤسسات، ولكن القادة موجودين حتى خارج السياق التنظيمي، فبعض القادة العظماء في العالم على سبيل المثال، قد ألهموا الآخرين دون أي هيكل تنظيمي من حولهم.
أحد الفروق المحتملة هو أن القادة يوجِّهون ويرشدِون، بينما المدراء يديرون، ويشير هذا التمييز المتأصل في تعريفات القاموس إلى أن القادة يُظهرون الطريق؛ أما المدراء، فهم من يسمحون بحدوث ذلك، حيث يخلق القادة رؤيةً ملهمةً ويختار الناس اتباعها، ويصبح المدراء مسؤولين عن تحويل الرؤية إلى خطة عمل لتحقيق المؤسسة لرؤية القائد.
تنتشر فكرة بأن القادة لديهم أتباع، وأن المدراء لديهم أشخاص يقدّمون التقارير إليهم، أيّ أن أولئك الذين يعملون لدى المدير ليس لديهم خيارات كثيرة، ولكن التبعية اختيار. وتثير هذه النقطة الجدل في السياق التنظيمي، إذ لا يملك الموظفون سوى القليل من الخيارات حول ما إذا كانوا سيتبعون مدير المؤسسة أم لا.
نشأ هذا التمييز على يد وارن بينيس Warren Bennis، وهو أستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا، فقد صاغ العبارة المذكورة سابقًا: “يفعل القادة الشيء الصحيح، في حين يفعل المدراء الأشياء بطريقة صحيحة”، واقترح أن هذا التمييز يكمن في طريقة التفكير في الأشياء، أي إذا كان الشخص يفكر في فعل الشيء بطريقة صحيحة، فهو يميل إلى التفكير في آليات أو كيفية إنجاز المهمة المطلوبة، وهذا ما يفعله المدير.
إنّ فعل الشيء الصحيح هو مفهوم أكثر فلسفيةً، ويحفّز الشخص على لتفكير في المستقبل والرؤية والأحلام، وهذا هو دور القائد. لقد حدد بينيس بعض الفروق الأخرى المتمثلة في الآتي:
القادة مجازفون والمدراء حريصون؟
يوجد فرق آخر بين القادة والمدراء يتعلق بالمخاطر التي سيتحملها كلّ واحدٍ منهم، إذ يميل المدراء لتجنب المخاطرة، ولكن القادة هم أكثر مجازفةً وعرضةً للمخاطرة، وذلك لأن القادة يهتمون بتحقيق رؤيتهم، لذلك يَعدّون أنه من الطبيعي مواجهة المشكلات والحواجز على طول الطريق، ويكونون في الغالب أكثر ارتياحًا للمخاطرة، وبالتالي يدركون أن الطريق لتحقيق رؤيتهم ليس دائمًا هو الطريق الأسهل.
يعني ذلك أنّ:
يميل القادة إلى تحدّي الوضع الحالي، بينما يركّز المدراء أكثر على الاحتفاظ به. لقد تغيّرت مؤخرًا المواقف تجاه المخاطرة نتيجةً لعددٍ من فضائح الشركات الكبرى، لذلك قد يكون هذا الاختلاف أقل بكثيرٍ مما كان عليه في السابق.
القيادة والإدارة والخصائص الشخصية
توجد اختلافات في كل ما يفعله القادة والمدراء، وما هم أو ما يملكون، وخصائصهم ومهاراتهم الشخصية، وتتطلب القيادة سمات ومهارات معينة لا تتطلبها الإدارة، إذ يتمتع العديد من القادة بشخصية جذابة جدًا، وهي جيدة أيضًا في تكوين رؤى ملهمة.
يمتلك المدراء أيضًا مهارات قد لا يمتلكها القادة، فهم جيدون في العمل مع الناس وإخراج أفضل ما لديهم على المستوى الفردي، كما يمكنهم تفويض العمل وتحفيز الآخرين.
تحتاج المنظمات إلى كل من القادة والمدراء
تتداخل أدوار القادة والمدراء غالبًا، بحيث قد لا يكون واضحًا من هو القائد في أيّ موقف. مع ذلك، تحتاج المنظمات بلا شك إلى المهارات “التقليدية” سواء من القادة أو من المدراء بهدف الاستمرار في العمل، وهذه المهارات هي أن يكون الشخص كثير الرؤى ومؤثرًا وذو مهارات تنظيمية روتينية، وقد توجد هذه المهارات في نفس الشخص، أو قد تتطلب أشخاصًا مختلفين في أوقات مختلفة.
ذات صلة:
No related posts.
admin