الآن لكي تتمكن من بناء أساس متين لمشروعك التجاري القادم لا بُد من تعلّم أساسيات التجارة الإلكترونية وفهم مصطلحاتها ومعرفة مجالاتها وشروطها، ومن ثم الاختيار من بين طرق التجارة الإلكترونية ما يناسبك، فلا يمكن تبنّي كل أنواع التجارة في مشروعٍ واحد ناجح.

أولًا: أساسيات التجارة الإلكترونية

معرفة هذه الأساسيات والتوظيف والاستثمار الصحيح لها يمثل فارقًا بين نجاحًا ساحق وفشلًا ذريع، لذا احرص على الإلمام بالخصائص التي سوف نذكرها لك إلمامًا جيّدًا. تتمثل خصائص التجارة الإلكترونية في النقاط التالية:

1. الإدارة الناجحة

إن كنت تخطط في توظيف بعض الأفراد لتنظيم متجرك الإلكتروني وخدمة العملاء وترغب في إدارة متجرك الإلكتروني بشكلٍ مباشر، فعليك أن تتعلم أسس الإدارة الناجحة، ومقالنا: فن الإدارة الناجحة سيكون دليلًا رائعًا لتحقيق ذلك.

2. الاستثمار الجيد

إن كنت ترصد مبلغًا معينًا كاستثمار أولي لمتجرك الإلكتروني، فعليك أن تكون حكيمًا في تخصيصه. عليك ترتيب أولويات متجرك الإلكتروني وتسخير استثمارك الأولي لتأسيسها جيّدًا، على سبيل المثال: اختيار موقع استضافات محترم وموثوق مع خطط اشتراك متنوعة له أولوية على توسيع رقعة المنتجات التي سوف تُطلِق متجرك بها، فبإمكانك إنجاز الثانية لاحقًا.

3. المتابعة المستمرة ومراقبة التطوّر

معرفة الاستراتيجيات الناجحة والأدوات التي أثمرت نتائجًا جيّدة وتلك التي لم تقدم فائدة تذكر، تعد خطوة جوهرية في تطوير متجرك بسرعة. الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية يتبنّون أداة أو خطّة عمل معيّنة في متجرهم ولا يراقبون نتائجها، وينتهي بهم المطاف يستنزفون موارد بشرية ومالية دون تطوّر أو أرباح تُذكر. معرفة مدى نجاح خطّة معينة وتطويرها أو استبدالها في الوقت المناسب أساس نجاح أي متجر إلكتروني.

4. توظيف متخصصين محترفين

إن أردت التميّز في سوق العمل فيجب أن تكون جميع عناصر متجرك احترافيّة، ولا يمكنك تحقيق ذلك دون أفراد محترفين، سواءً على مستوى الدعم الفني أو متابعة العملاء أو فريق إدارة المنتجات أو فريق التسويق، وغيرهم من عناصر نجاح أي مشروع تجاري.

5. التخطيط الجيد

التغيير المستمر سلوك “غير صحّي” في المشاريع التجارية، فيجب أن تكون خطة العمل واضحة والأهداف محدّدة بدقة، وكذلك الاستراتيجيات لتحقيق تلك الأهداف. لذا إن كنت ترغب في انطلاقة قويّة والمحافظة على سويّة نجاح متزايدة، فعليك أن تضع خطّة عمل محكمة، على سبيل المثال: تحرّى منافسيك وادرس سوق المنتجات التي تريد المنافسة فيه من خلال متجرك. كل ذلك سيوضح لك الاستراتيجية المناسبة للانطلاق بمتجرك.

6. إعطاء الأولوية للعميل

“العميل دائمًا على صواب” يجب أن يكون المبدأ السائد في متجرك، فالعملاء بشكلٍ عام يميلون إلى الإخلاص لمتجر معيّن يبتاعون منه متطلّباتهم باستمرار، لذا يقدمون ملاحظاتهم حول طرق الشحن والتخديم وجودة المنتجات باستمرار، وعندما يصادفون متجرًا أو علامةً تجاريّة تقدّر تلك الآراء يتحوّلون إلى عملاء مخلصين لها، وهذا هو أحد الأهداف الرئيسية التي يجب أن تضعها نُصب عينيك في استراتيجية عمل متجرك عمومًا.

ثانيًا: شروط التجارة الإلكترونية

الكثير من أصحاب المشاريع المتحمسين يتوهون في دوامة الحماس الكبير لبدء مشروع التجارة الإلكترونية بسرعة ويفوّتون على أنفسهم الانطلاقة القويّة التي ستفرض وجودهم في سوق العمل خلال وقت قصير. هذا الخطأ سببه عدم المعرفة الكافية حول ما هي متطلبات التجارة الإلكترونية والمهارات التي يجب أن يضعنها في الحسبان أثناء مرحلة التخطيط. أما عن شروط التجارة الإلكترونية فنذكر:

  • إمكانية تأمين مصدر توريد مستقر وموثوق: وذلك إن كنت تخطط لعرض منتجات مستوردة من خارج بلدك. فمسألة تلبية طلبات العملاء في الوقت المحدد معيار ذهبي لا يجب أن تتساهل فيه إطلاقًا.
  • وجود مستودع أو مخزن: يجد أن يفي بشروط تخزين المنتجات التي تخطط لاستيرادها. هذه الجزئية مهمة في حال كنت تخطط لجعل الطلبات في متجرك آنيّة، بمعنى أن العميل لا يجب أن ينتظر بعد طلبه للمنتج أن يتم تجهيز الطلبية له من المصنع الأم، ومن ثم شحنه وأخيرًا توصيله له. بإمكانك مع ذلك إن أردت بداية بسيطة لمشروعك، أن تخصص غرفة من منزلك لتخزين المنتجات التي تخطط لعرضها في متجرك.
  • إجراء الأوراق والمعاملات القانونية في بلدك: الكثير من البلدان العربية تبنّت قوانين خاصّة بالمشاريع التجارية الإلكترونية، ولا بُد من أن تطّلع على لائحة القوانين تلك قبل إطلاق مشروعك.

في حين أن مهارات التجارة الإلكترونية تتمثل في الخطوط العريضة التالية:

  • مهارة الإدارة
  • مهارة اتخاذ القرارات وحل المشكلات
  • مهارة جمع البيانات وتحليلها (مهارة تحليل السوق)
  • مهارة التفاوض
  • مهارة التسويق
  • المهارة البرمجية

ثالثًا: مجالات التجارة الإلكترونية

هناك العديد من المجالات التي يمكنك البدء بها، واختيار المجال المناسب يعتمد على عنصرين أساسيين، الأول هو طلب السوق ومدى الحاجة إلى ذلك المجال، أما العنصر الثاني فهو تفضيلك الشخصي ورغبتك.

احرص دائمًا على اختيار المجال الذي تميل إليه والذي يمتلك إمكانات نجاح حاضرة ومستقبلية على المستويين المحلي على مستوى بلدك والعالمي، لا تدري فقد يصل متجرك إلى الساحات العالمية إن أحسنت التخطيط والتنفيذ.

هناك عشرات المجالات في التجارة الإلكترونية، وفيما يلي بعض من أبرز مجالات التجارة الإلكترونية التي تمتلك مستقبلًا واعدًا على مستوى العالم العربي والعالمي.

1. المتاجر الإلكترونية

التي تتضمن منتجات بشتى أنواعها ومجالات في سوق العمل، وبعض من أكثر التوجّهات انتشارًا في عالمنا العربي الآن هي المتاجر المتخصصة بالأجهزة والملحقات الإلكترونية ومنتجات التجميل.

2. البرمجيات كخدمات SaaS

قد تضاعف سوق العمل لهذا المجال بشكلٍ هائل خلال السنوات القليلة الماضية ليصل إلى 157 مليار دولار بين عامي 2014 – 2020. وتشير البرمجيات كخدمات إلى أي برنامج أو خدمة يمكن للعملاء استخدامها من خلال موقعك، عبر اختيار إحدى خطط الاشتراك لديك. ومن أبرز الأمثلة على هذا المجال Microsoft Office 365 وDropBox على المستوى العالمي، ومنصّة أنا على مستوى عالمنا العربي.

3. منصة للعمل الحر

يمكنك تأسيس موقعك الخاص للعمل الحر، وهو مجال مهم من مجالات التجارة الإلكترونية، فأنت تتاجر هنا بالخدمات الاحترافية، حيث يلعب موقعك دور وسيط بين أصحاب مشاريع يودون توظيف أشخاص لإنجاز أعمال معينة وأفراد مستقلين ينفذون تلك الأعمال، مثال أرباح محددة يكون لموقعك نسبة معيّنة منها. من أبرز الأمثلة عن هذا المجال في عالمنا العربي منصة خمسات ومنصة مستقل.

رابعًا: كيفية الربح من التجارة الإلكترونية

لعل السؤال الأدق هنا هو: هل بإمكانك تحقيق أرباح جيّدة من مجرد موقع إلكتروني لا وجود حقيقي له؟ وهل تصل إلى مستوى الأرباح التي تحققها عبر التجارة التقليدية؟ في الواقع الجواب على كلا السؤالين هو نعم 100%. بالطبع يحتاج الأمر إلى استثمار وتخطيط جيّد.

الربح في المتاجر الإلكترونية لا يقتصر على بيع المنتجات أو الخدمات للعملاء فحسب، وإنما هناك مصادر أخرى سرعان ما ستجد أنها تحقق لك مدخولًا يرفد مستوى أرباحك، وقد يصل أو حتى يتفوق في بعض الأحيان على أرباح عمليات البيع ذاتها. نذكر من طرق الربح عبر المتجر الإلكتروني:

  • عمليات البيع: وهي الطريقة الطبيعية التقليدية للربح من المتاجر الإلكترونية.
  • الإعلانات: حيث يمكنك الاشتراك في خدمات جوجل للإعلان (Google Ads) ووضع إعلانات ممولة ضمن موقعك، وكل عملية نقر يقوم بها العملاء على هذه الإعلانات تدفع لك بها جوجل مبلغًا من المال.
  • التسويق بالعمولة (Affiliate Marketing): التسويق بالعمولة مجال مميز آخر لكسب الأرباح، إذ يمكنك الاتفاق مع مواقع أو حتى متاجر إلكترونية أخرى على عرض محتوى مواقعها أو منتجاتها ضمن متجرك بأسلوب دعائي ملفت، مقابل تخصيص أرباح محدّدة تُدفع لك.
  • الاشتراكات: يمكنك تضمين ميزة الاشتراك في متجرك، بحيث يدفع العملاء رسوم اشتراك شهرية أو سنويّة، مقابل الوصول إلى محتوى أو عروض معيّنة ضمن متجرك، والتي لا تكون متاحة للعملاء العاديين.

خطوات البدء في التجارة الإلكترونية

تختلف خطوات العمل التفصيلي باختلاف مجال التجارة الإلكتروني الذي سوف تختاره، وسنستعرض فيما يلي الخطوط العريضة التي تساعدك على تأسيس مشروعك التجاري تأسيسًا جيدًا أيًّا كان المجال الذي سوف تختاره:

أولًا: جهز خطّة عمل واضحة

تتضمن خطة العمل تحديد قاعدة العملاء التي سوف تستهدفها من منتجاتك أو خدماتك وأنواع المنتجات التي سوف تتبناها في متجرك، بالإضافة إلى تحليل سوق العمل ومدى الطلب على المنتج وكثافة المنافسين عليه. بمعنى آخر، مقدار العرض والطلب.

يندرج أيضًا تحت هذه الخطوة كل من تحديد الموّردين وأسلوب التخزين بالإضافة إلى إجراء الأوراق القانونية في بلدك. وفي أثناء هذه المرحلة اسأل نفسك هذين السؤالين الجوهريين:

  • ما الذي يجعل متجرك مميزًا عن المتاجر المنافسة الأخرى؟
  • لمَ قد يختار العملاء متجرك عوضًا عن عشرات الخيارات الأخرى؟

ثانيًا: بناء متجرك الإلكتروني

النقطة الجوهرية التي يجب أن تضعها في الحسبان في هذه المرحلة هي اختيار نوع المتجر الإلكتروني الذي تريده، هل ترغب في عرض منتجاتك عبر متجر عالمي أم ترغب بتخصيص متجرك الشخصي عبر منصات إدارة المحتوى.

احرص على أن تترك حيزًا جيدًا لتخصيص متجرك، بحيث توفّر للعملاء الذين يتصفحون متجرك تجربة مميزة تختلف عن المتاجر المنافسة. احرص على أن تكون المنتجات في متجرك مرتّبة ومصنّفة بشكلٍ واضح، بالإضافة إلى تضمين بعض الأدوات التي تدعم تصفح العملاء، مثل سلة المشتريات والمجيبات الآلية (ChatBots) والعروض الموجّهة والكوبونات وغيرها.

ثالثًا: بناء خطّة تسويقية متينة

بعد تأسيس متجرك بشكلٍ كامل وإرفاق المنتجات والخدمات، يمكنك القفز إلى مرحلة التسويق، والتي ستكون بمثابة المحرّك الذي سينطلق بواسطته متجرك، فأي مشروعٍ تجاري بلا خطة تسويقية جيّدة لن ينافس إطلاقًا.

يمكنك الاعتماد على مختلف استراتيجيات التسويق، الرقمية منها والتقليدية. أي وسيلة سوف تؤدي إلى إشهار متجرك وكسب المزيد من العملاء يجب أن تستثمرها جيّدًا. يمكنك الاطّلاع على دليلنا الشامل حول التسويق للمزيد من التفاصيل: دليلك الشامل إلى تسويق المنتجات عبر الإنترنت.

رابعًا: اتّبع استراتيجية: تتبّع وحلّل وحسّن

ليس هناك استراتيجية مثاليّة لكل أنواع التجارة الإلكترونية، لذا يجب عليك أن تراقب دومًا تقييمات العملاء في جودة منتجاتك، ما هي المنتجات أو الخدمات التي تمتلك أكبر نسب مبيعات وتلك التي تعاني الأمرين في بيعها، تابع آراء وتقييمات العملاء حول منتجاتك وأسلوب الشحن والدفع والتوصيل وخدمة الإرجاع وغيرها.

حاول أن تطوّر منهجيّة عمل تُرضي العملاء وتزيد من أرباحك أو تحافظ عليها على أقل قدر، وإن كان هناك نقاط ضعف في أسلوب عمل متجرك أو استراتيجية التسويق له فلا ضير من بعض التغييرات أو التحسينات، والنصيحة الأخيرة هي أن تواكب آخر التوجّهات العصرية في كل ما يخص التجارة الإلكترونية في مجال تخصّصك.

مقارنة بين التجارة الإلكترونية والتقليدية
نصائح ذهبية في التجارة الإلكترونية

Leave a Comment