ما هي الإدارة الناجحة؟
الإدارة الناجحة هي القيام بكل ما يلزم لتحقيق غايات الشركة وأهدافها، بالتزامن مع تحقيق احتياجات الموظفين من الشركة، سواء على الصعيد المهني أو المالي أو غيرها؛ وذلك باتباع منهجية تم إعدادها سلفًا للخطوات والإجراءات الموضوعة من قِبل الشركة، إضافةً إلى ترسيخ قواعد الإدارة الناجحة للوصول إلى هذه الغايات.
تعددت الآراء في الإدارة، هل هي فن أم علم، حيث تم تفسير الإدارة من قِبل بعض الآراء على أنها فن يجمع مهارات وخبرات اكتسبها الأفراد في القيادة من واقع ممارساتهم اليومية للعمل الإداري والخبرات السابقة في التاريخ الوظيفي للمدير.
بينما عدت المجموعات الأخرى أن الإدارة هي علم تم وضعه استنادا إلى أسس وقوانين ونظريات خاصة بقيادة وتوجيه جهود وأنشطة الموظفين نحو تحقيق أهداف محددة للمؤسسة. يمكن القول بأن الإدارة فن وعلم في آنٍ واحد، وتختلف درجة اقترابها من الفن أو العلم باختلاف نوع وحجم المؤسسات وظروف البيئة المحيطة بها والعاملين في هذه المؤسسات.
مهارات الإدارة الناجحة
تختلف مستويات الإدارة بين مشرفي الفرق والمدراء الفرعيين والمركزيين، إلا أن لكل منهم مسؤوليات في إتقان مهارات الإدارة الناجحة، حيث يتوجب على المدير إتقان المهارات الإدارية ليتمكن من تطبيق فن الإدارة الناجحة على موظفي وأنشطة الشركة، ويجب على مدير المكتب الخاص به على سبيل المثال إتقان هذه المهارات عند إدارة الاجتماعات الناجحة.
لنجاح المؤسسات والشركات في تقديم أعمالها، وتسهيل عمل الإدارات في إتقان فن الإدارة الناجحة، هناك أربع مهارات أساسية يجب الاهتمام بها، ووضع الرؤى والاستراتيجيات والقوانين اللازمة في الشركة لتسهيل اكتسابها والعمل من خلالها، ويطلق عليها 4Ps وهي على الشكل الآتي:
1. السلامة النفسية Psychological safety
يتجلى فن الإدارة الناجحة بتكوين أسس داعمة للسلامة المهنية، والتي أصبحت ثقافة مهمة في الشركات الناجحة، حيث إن المدير الناجح يهتم بشكل كبير بمستويات الأمان ضمن الشركة، والتي يشعر بها كل موظف من موظفي الشركة.
ويظهر الأمان المذكور جليًا بشعور الموظف بالثقة الدائمة في السلوك الذي يقوم به، مثل الاعتراف بالخطأ والتصريح عنه علنًا لمعالجته، اقتراح أفكار جديدة دون الخوف من رأي المدير أو سخرية الزملاء، التوافق بين القيم والمبادئ لجميع موظفي الشركة، طلب المساعدة دون خوف عند عدم المعرفة وغيرها.
يجب على جميع كوادر المؤسسة من إداريين وموظفين ترسيخ أسس ثقافة السلامة النفسية، إلا أن للقائد دور بالغ الأهمية في تأهيل الموظفين لزرع هذه الثقافة بعد ترسيخ الإيمان بها، وهنا تظهر أسس الإدارة الناجحة التي يمتلكها المدير في تأهيل الموظفين للعمل بهذه الثقافة.
2. الغاية Purpose
تسعى الإدارة الناجحة في المؤسسات إلى تكوين الإحساس لدى كل موظف فيها بأهمية العمل الذي يقوم به مهما كان صغيرًا، وأنه يصب في غاية ومصلحة المؤسسة أيًا كان نوع العمل الذي يتم تقديمه من قِبل الموظف.
يشعر الموظفون بأهمية عملهم عندما تتضح الغاية من العمل بشكل كامل، وعندما يتم ربط إنجاز المهمة بهدف أعلى قريب المدى. يجب أن يتم تحديد هذا الهدف بشكل يظهر نتائج المهمة التي يقوم بها الموظف، مما يولد دافعًا داخليًا لدى الموظف لتسريع إنجاز المهمة للوصول للهدف بشكل أدق وأسرع، وهذا ما يعد من أهم قواعد الإدارة الناجحة.
3. المسار Path
ينبغي على المدير توضيح الأدوار المرسومة للموظفين لمعرفة ما هو المطلوب منهم كمخرجات، وما يجب أن يراعوا وجوده كمدخلات قبل البدء بالمهمة التي تم توكيلهم لتنفيذها. ولضمان تنفيذ العمل بشكل جيد، يجب أن ينفذ المسؤول مهارات الإدارة الناجحة في تنظيم حرية الأسلوب الذي يتبعه الموظفون لتأدية المهمات الموكلة إليهم.
4. التقدم Progress
تظهر عملية التقدم في فن الإدارة الناجحة بواسطة تنمية العلاقات بين الموظفين، وتحسين العلاقة بين الموظف وحبه للعمل الذي يقوم به، إضافةً إلى توضيح القيمة المضافة التي يقدمها هذا العمل من قِبل الموظف.
يمكن دعم نمو عملية التقدم في الشركة بتشجيع السلوكيات والتصرفات الإيجابية التي تظهر من قِبل الموظفين على الأصعدة المختلفة عن الصعيد المهني، دون إغفال أهمية المكافأة على الصعيد المهني في تحسين أداء الشركة.
يمكن إحداث نقطة تحول واضحة في سير التقدم في الشركة عند تقديم الامتنان للموظف في حال قيامه بعمل استثنائي، خاصةً في الأوقات الصعبة، وهذا ما يستند إليه المدير لتطوير قواعد الإدارة الناجحة في الشركة.
قواعد الإدارة الناجحة
لإثبات نجاح الأداء ضمن عمليات إدارة الشركة، لا بد للمدير أو القائد من امتلاك مفاتيح الإدارة الناجحة للوصول بالشركة نحو أفضل أداء ممكن. تتجلى أهم خطوات الإدارة الناجحة بالعناصر الآتية:
أولًا: امتلاك الرؤية
تمثل الرؤية أساس الإدارة الناجحة، حيث يتم توجيه الشركة والعاملين فيها بواسطة خطة تم وضعها استنادًا للرؤية الموضوعة إضافةً إلى تحديد اتجاهات العمل، مع التأكيد على أن الرؤية الصحيحة تجنب الفشل في تنفيذ الخطة التي تعمل الشركة استنادًا إليها؛ نظرًا لتوفر آليات وإجراءات مخطط لها سلفًا، وجاهزة للتعامل مع الأخطاء وفق الرؤى والتوقعات الموضوعة.
ثانيًا: مشاركة الرؤية مع الآخرين
تساعد مشاركة الرؤية مع الآخرين على نمو وتطوير طرق القيادة في الشركة، حيث إن المشاركة تعزز قبول الكادر الوظيفي لتنفيذ القرار كونه جزءًا منه، كما تساعد هذه المشاركة في تذليل الصعاب، وإتاحة المجال لطرح المقترحات المفيدة.
ترتبط مشاركة الرؤية مع الآخرين بوضع خطط لتنفيذ رؤى المؤسسة وإدخالها حيز التنفيذ، سواءً كانت الخطط لتحسين العمل أو لمواجهة أزمة، مع التأكيد على أن فن الإدارة الناجحة مرتبط باتخاذ القرارات الحاسمة والسليمة ومتابعة سير عمليات تطبيق هذه القرارات.
ثالثًا: التخطيط ووضع أهداف واضحة قابلة للقياس
التخطيط أهم خطوات الإدارة الناجحة، حيث يتم تحديد مدى إمكانية تحقيق الأهداف على المدى البعيد استنادًا للتخطيط الاستراتيجي، كاستراتيجيات الشركة في تواجدها بالأسواق خلال عدة سنوات. وعلى المدى القريب استنادًا للخطط التشغيلية، كوضع الميزانية السنوية أو خطة العمل الشهرية.
يعد وضع أهداف قابلة للقياس من أهم قواعد الإدارة الناجحة، حيث لا يمكن معرفة أداء الشركة دون وضوح الأهداف، والقدرة على قياس الوصول لهذه الأهداف، لتحديد الأخطاء وتصويبها في حال وجودها، بغاية الوصول إلى الأهداف المقصودة ضمن المدة التي تم التخطيط لها، وضمن التكاليف المالية المخصصة لتنفيذها.
رابعًا: إدارة الوقت
عملية إدارة الوقت في تنفيذ مهام الشركة أحد أسس الإدارة الناجحة، وهي من المهارات الأساسية التي يجب على المدير امتلاكها، كونها تمثل جوهر نجاح المؤسسة. تظهر الإدارة الناجحة للوقت من خلال السعي الدائم لتسريع زمن الإنجاز، مع الحفاظ على نفس مستوى الجودة.
تدعم الإدارة الناجحة للوقت اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب، وهذا ما يوفر على المؤسسة تكاليف إضافية، ويتيح فرص الاستثمار بمشاريع جديدة خلال فترات أقصر زمنيًا.
خامسًا: تنفيذ السياسات والإجراءات
يمتاز المدير الناجح بالقدرة على اتخاذ القرار المناسب بما يتوافق مع قدرات الشركة، والوقت الذي تحتاجه الشركة للتنفيذ. حيث تتجلى وظائف وممارسات المدير تحت إطار فن الإدارة الناجحة بالقدرة على استخدام المعطيات المتوفرة بشكل سليم، والتنبؤ بالنتائج استنادًا لهذه المعطيات.
يوفر الالتزام اليومي بالسياسات والإرشادات الموضوعة فائدة كبيرة في اتخاذ القرارات ضمن الحدود الموضوعة من أجل ضبط حسن سير العمليات التشغيلية والإدارية لتحقيق أهداف المؤسسة.
لتقييم البيانات، إضافةً إلى تنظيمها وإدارتها مكانًا مهما ضمن خطوات الإدارة الناجحة، حيث يجب استعمال البيانات الداخلة أو الخارجة لتقييم أداء العاملين، المُعِدَّات وتقييم ما تم إنتاجه في المؤسسة، أو من أجل المقارنة مع الأهداف المطلوب تحقيقها.
الموظف أحد أهم العناصر والأسس التي تقوم عليها الإدارة الناجحة. حيث يتم تطبيق مفهوم الإدارة الناجحة بواسطة توجيه وإرشاد الموظفين، ومحاولة سد احتياجاتهم المتعلقة بالعمل مثل توفير البيئة المناسبة، والتعامل معهم على أنهم المورد الأكثر أهمية في إطار العملية الإدارية، ومساعدتهم في أمورهم الشخصية في حال قدرة الشركة على ذلك.
أسس هامة في فن الإدارة الناجحة
يعتمد فن الإدارة الناجحة على وضع خطوات وأسس إدارية تشمل تنفيذ مجموعة من الإجراءات الهامة في بيئة العمل، هذه الخطوات والأسس دليلًا لتوجيه عمل الشركة. ومن أهم أسس فن الإدارة الناجحة:
1. نمط المدير
يختلف أسلوب الإدارة من شخص لآخر من حيث المهارات، وعدد الموظفين ضمن نطاق إدارته في القسم إضافة إلى آليات تنفيذ العمل. لهذا يجب أن يتوفر لدى كل مدير مهارات خاصة بإدارة موظفي كل قسم وقيادتهم والتعاون معهم لتحقيق نجاح القسم والذي يعد خطوة نحو نجاح الشركة.
2. الدراية الكافية بمجالات الإدارة
ينبغي على المدير حتى يكون مديرًا ناجحًا لفريقه ومسؤولياته أن يركز على احتياجات الشركة المطلوب الوصول إليها من خلال فريق العمل، سواءً كانوا إداريين أو ميدانيين أو مراقبين، وتوصيف نمط العمل هل هو تخطيطي أم تنفيذي.
3. الحفاظ على الموظفين المتميزين وتعزيز انتمائهم للشركة
من أسس الإدارة الناجحة هو الحفاظ على الموظفين المتميزين، وعدم التخلي عنهم حرصًا على استقرار العلاقة بين الوقت وكمية الإنجاز، حيث أن تأهيل موظف جديد عملية صعبة تحتاج إلى تدريب وإنفاق مالي ووقت إضافي للحصول على موظف قادر على أداء المهام بشكل جيد.
يتمتع المدير الناجح بصفات وأساليب تساعد على انتماء الموظفين إلى المؤسسة التي يعملون بها بشكل تلقائي، وتبرز قدرة المدير في البحث عن أفكار متميزة تحقق الفائدة للمؤسسة ولجميع الموظفين. تعزز الإدارة الناجحة انتماء الموظفين عبر اختيار المتميزين منهم، والذين يسعون إلى تطوير المؤسسة وإنجاز المهام وتحقيق التطور الشخصي للموظف ضمن الشركة.
4. إدارة الوقت
تسعى الإدارة الناجحة إلى تقليص الوقت الذي يتم فيه إنجاز المهام في المؤسسة إلى الحد الأدنى، وابتكار استراتيجيات للتحكم بهذا الوقت بأسلوب ذكي، وذلك يترافق مع السعي الدائم لتسريع زمن الإنجاز مع الحفاظ على نفس مستوى الجودة بهدف تنفيذ عدد أكبر من الخدمات وتحقيق مبالغ مالية أكبر كإيرادات.
5. الثقة المتبادلة
أهم أسس الإدارة الناجحة هي الثقة المتبادلة بين الموظفين والإدارة، حيث يؤدي فقد هذه الثقة إلى إضعاف قدرات الإدارة في الوصول لأهداف وغايات الشركة. يتميز المدير الناجح بقدرته على بناء الثقة في جو العمل والحرص على متانة الروابط بينه وبين الموظفين.
أساليب الإدارة الناجحة
يتم تطوير وإدارة فريق عمل بشكل جيد على أساس أن فريق العمل هو من أهم عناصر نجاح أي مؤسسة، فلا يقتصر دور المديرون في الإشراف على الموظفين فقط، بل يتعدى ذلك إلى اتخاذ القرارات الصحيحة التي تؤثر على نجاح المؤسسة وموظفيها، بالإضافة إلى إدراك وتطبيق المهارات التي ترتقي إلى فن الإدارة الناجحة.
يمكن للمدير الناجح اتباع مجموعة من الأساليب للوصول إلى إرساء أسس الإدارة الناجحة للقسم أو المؤسسة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولًا: الإدارة اللامركزية
يتجسد فن الإدارة الناجحة بقدرة الفريق الإداري على أداء مهامه بمرونة، والبت بالقرارات دون العودة للإدارة المركزية، على أن يتم إعلام الإدارة المركزية بنتائج العمل الذي تم إنجازه. وهذا يمثل سرعة أكبر في إنجاز المهام دون غياب رِقابة الإدارة المركزية عن النشاطات التي تحصل في الفروع.
ثانيًا: تفويض الشخص المناسب
تم تعريف التفويض على أنه إعطاء الموظفين أصحاب الكفاءات القدرة على اتخاذ القرارات اللازمة لعمل الشركة، كل حسب نطاق إشرافه وتخصصه الوظيفي، وذلك استنادًا لقواعد الإدارة الناجحة في عمل الشركات.
يستطيع المدير تفويض الأشخاص لتشكيل فريق إداري مختص دون الرجوع إليه للبت بقضايا الشركة وفق تخصص الموظف، على أن لا تتداخل التفويضات الممنوحة للموظفين وتسبب نوع من الصدامات ضمن نطاق تفويض كل منهم.
ثالثًا: تأهيل كوادر الشركة
يعتمد فن الإدارة الناجحة على التأهيل الوظيفي للفرق بشكل مستمر، يجب على المدير امتلاك مهارات الإدارة الناجحة التي تساهم بشكل مستمر في تطوير الفرق نحو الأفضل. فبعد تأهيل كوادر الصف الأول لعمل الشركة، لا بد من العمل على تطوير كوادر الصف الثاني بالمتابعة والتدريب لاستثمار الوقت بطريقة مثلى، وذلك دون أي ضياع في موارد الشركة.
رابعًا: مصفوفة الاستجابة
يستطيع المدير امتلاك مفاتيح الإدارة الناجحة بواسطة بناء مصفوفة الاستجابة التي تحدد الأشخاص المعنيين بعمل معين ضمن الشركة، حيث يمكن تصنيف الموظفين من خلال المصفوفة إلى أربع أنواع:
- المسؤول عن العمل Responsible: يتم تعيين الموظف الذي سيقوم بالعمل ضمن هذه الفئة، حيث يتم الرجوع إلى المسؤول عن العمل عند أي سؤال عن طريقة التنفيذ والبنود اللازم تسليمها وفق عمل الشركة.
- المشرف على المهمة أو المهام Accountable: يكون الموظف مسؤولًا عن الموافقة والتوقيع على أداء المهمة من قِبل المسؤول عن العمل. تتصف هذه الفئة بأنها إشرافية بحتة، ويجب على المشرف متابعة جميع المسؤولين عن العمل في الأنشطة المرتبطة بمهمة معينة.
- المستشار Consultant: يجب على الموظفين المصنفين برتبة استشاريين في المصفوفة تقديم جميع المعلومات اللازمة قبل أداء المهمة، خاصةً على صعيد المتطلبات الفنية والإدارية واللوجستية. كما يتم الرجوع إلى المستشارين عند مواجهة أي مشكلة في أداء المهمة.
- المطّلع Informed: من الضروري إعلام الأشخاص المهتمين بأداء مهمة معينة بجميع الأحداث التي تطرأ على أداء هذه المهمة، خاصةً بما يتعلق بالقرارات التي تم اتخاذها أو نسبة الإنجاز من المهمة المسجلة، دون إعطاء هؤلاء الأشخاص حق المشاركة في اتخاذ القرار أو الاستشارة في أداء المهمة، تم جمع الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الصفات تحت مسمى المطّلعون في مصفوفة الاستجابة.
ما هي الإدارة الناجحة؟
الإدارة الناجحة هي القيام بكل ما يلزم لتحقيق غايات الشركة وأهدافها، بالتزامن مع تحقيق احتياجات الموظفين من الشركة، سواء على الصعيد المهني أو المالي أو غيرها؛ وذلك باتباع منهجية تم إعدادها سلفًا للخطوات والإجراءات الموضوعة من قِبل الشركة، إضافةً إلى ترسيخ قواعد الإدارة الناجحة للوصول إلى هذه الغايات.
تعددت الآراء في الإدارة، هل هي فن أم علم، حيث تم تفسير الإدارة من قِبل بعض الآراء على أنها فن يجمع مهارات وخبرات اكتسبها الأفراد في القيادة من واقع ممارساتهم اليومية للعمل الإداري والخبرات السابقة في التاريخ الوظيفي للمدير.
بينما عدت المجموعات الأخرى أن الإدارة هي علم تم وضعه استنادا إلى أسس وقوانين ونظريات خاصة بقيادة وتوجيه جهود وأنشطة الموظفين نحو تحقيق أهداف محددة للمؤسسة. يمكن القول بأن الإدارة فن وعلم في آنٍ واحد، وتختلف درجة اقترابها من الفن أو العلم باختلاف نوع وحجم المؤسسات وظروف البيئة المحيطة بها والعاملين في هذه المؤسسات.
مهارات الإدارة الناجحة
تختلف مستويات الإدارة بين مشرفي الفرق والمدراء الفرعيين والمركزيين، إلا أن لكل منهم مسؤوليات في إتقان مهارات الإدارة الناجحة، حيث يتوجب على المدير إتقان المهارات الإدارية ليتمكن من تطبيق فن الإدارة الناجحة على موظفي وأنشطة الشركة، ويجب على مدير المكتب الخاص به على سبيل المثال إتقان هذه المهارات عند إدارة الاجتماعات الناجحة.
لنجاح المؤسسات والشركات في تقديم أعمالها، وتسهيل عمل الإدارات في إتقان فن الإدارة الناجحة، هناك أربع مهارات أساسية يجب الاهتمام بها، ووضع الرؤى والاستراتيجيات والقوانين اللازمة في الشركة لتسهيل اكتسابها والعمل من خلالها، ويطلق عليها 4Ps وهي على الشكل الآتي:
1. السلامة النفسية Psychological safety
يتجلى فن الإدارة الناجحة بتكوين أسس داعمة للسلامة المهنية، والتي أصبحت ثقافة مهمة في الشركات الناجحة، حيث إن المدير الناجح يهتم بشكل كبير بمستويات الأمان ضمن الشركة، والتي يشعر بها كل موظف من موظفي الشركة.
ويظهر الأمان المذكور جليًا بشعور الموظف بالثقة الدائمة في السلوك الذي يقوم به، مثل الاعتراف بالخطأ والتصريح عنه علنًا لمعالجته، اقتراح أفكار جديدة دون الخوف من رأي المدير أو سخرية الزملاء، التوافق بين القيم والمبادئ لجميع موظفي الشركة، طلب المساعدة دون خوف عند عدم المعرفة وغيرها.
يجب على جميع كوادر المؤسسة من إداريين وموظفين ترسيخ أسس ثقافة السلامة النفسية، إلا أن للقائد دور بالغ الأهمية في تأهيل الموظفين لزرع هذه الثقافة بعد ترسيخ الإيمان بها، وهنا تظهر أسس الإدارة الناجحة التي يمتلكها المدير في تأهيل الموظفين للعمل بهذه الثقافة.
2. الغاية Purpose
تسعى الإدارة الناجحة في المؤسسات إلى تكوين الإحساس لدى كل موظف فيها بأهمية العمل الذي يقوم به مهما كان صغيرًا، وأنه يصب في غاية ومصلحة المؤسسة أيًا كان نوع العمل الذي يتم تقديمه من قِبل الموظف.
يشعر الموظفون بأهمية عملهم عندما تتضح الغاية من العمل بشكل كامل، وعندما يتم ربط إنجاز المهمة بهدف أعلى قريب المدى. يجب أن يتم تحديد هذا الهدف بشكل يظهر نتائج المهمة التي يقوم بها الموظف، مما يولد دافعًا داخليًا لدى الموظف لتسريع إنجاز المهمة للوصول للهدف بشكل أدق وأسرع، وهذا ما يعد من أهم قواعد الإدارة الناجحة.
3. المسار Path
ينبغي على المدير توضيح الأدوار المرسومة للموظفين لمعرفة ما هو المطلوب منهم كمخرجات، وما يجب أن يراعوا وجوده كمدخلات قبل البدء بالمهمة التي تم توكيلهم لتنفيذها. ولضمان تنفيذ العمل بشكل جيد، يجب أن ينفذ المسؤول مهارات الإدارة الناجحة في تنظيم حرية الأسلوب الذي يتبعه الموظفون لتأدية المهمات الموكلة إليهم.
4. التقدم Progress
تظهر عملية التقدم في فن الإدارة الناجحة بواسطة تنمية العلاقات بين الموظفين، وتحسين العلاقة بين الموظف وحبه للعمل الذي يقوم به، إضافةً إلى توضيح القيمة المضافة التي يقدمها هذا العمل من قِبل الموظف.
يمكن دعم نمو عملية التقدم في الشركة بتشجيع السلوكيات والتصرفات الإيجابية التي تظهر من قِبل الموظفين على الأصعدة المختلفة عن الصعيد المهني، دون إغفال أهمية المكافأة على الصعيد المهني في تحسين أداء الشركة.
يمكن إحداث نقطة تحول واضحة في سير التقدم في الشركة عند تقديم الامتنان للموظف في حال قيامه بعمل استثنائي، خاصةً في الأوقات الصعبة، وهذا ما يستند إليه المدير لتطوير قواعد الإدارة الناجحة في الشركة.
قواعد الإدارة الناجحة
لإثبات نجاح الأداء ضمن عمليات إدارة الشركة، لا بد للمدير أو القائد من امتلاك مفاتيح الإدارة الناجحة للوصول بالشركة نحو أفضل أداء ممكن. تتجلى أهم خطوات الإدارة الناجحة بالعناصر الآتية:
أولًا: امتلاك الرؤية
تمثل الرؤية أساس الإدارة الناجحة، حيث يتم توجيه الشركة والعاملين فيها بواسطة خطة تم وضعها استنادًا للرؤية الموضوعة إضافةً إلى تحديد اتجاهات العمل، مع التأكيد على أن الرؤية الصحيحة تجنب الفشل في تنفيذ الخطة التي تعمل الشركة استنادًا إليها؛ نظرًا لتوفر آليات وإجراءات مخطط لها سلفًا، وجاهزة للتعامل مع الأخطاء وفق الرؤى والتوقعات الموضوعة.
ثانيًا: مشاركة الرؤية مع الآخرين
تساعد مشاركة الرؤية مع الآخرين على نمو وتطوير طرق القيادة في الشركة، حيث إن المشاركة تعزز قبول الكادر الوظيفي لتنفيذ القرار كونه جزءًا منه، كما تساعد هذه المشاركة في تذليل الصعاب، وإتاحة المجال لطرح المقترحات المفيدة.
ترتبط مشاركة الرؤية مع الآخرين بوضع خطط لتنفيذ رؤى المؤسسة وإدخالها حيز التنفيذ، سواءً كانت الخطط لتحسين العمل أو لمواجهة أزمة، مع التأكيد على أن فن الإدارة الناجحة مرتبط باتخاذ القرارات الحاسمة والسليمة ومتابعة سير عمليات تطبيق هذه القرارات.
ثالثًا: التخطيط ووضع أهداف واضحة قابلة للقياس
التخطيط أهم خطوات الإدارة الناجحة، حيث يتم تحديد مدى إمكانية تحقيق الأهداف على المدى البعيد استنادًا للتخطيط الاستراتيجي، كاستراتيجيات الشركة في تواجدها بالأسواق خلال عدة سنوات. وعلى المدى القريب استنادًا للخطط التشغيلية، كوضع الميزانية السنوية أو خطة العمل الشهرية.
يعد وضع أهداف قابلة للقياس من أهم قواعد الإدارة الناجحة، حيث لا يمكن معرفة أداء الشركة دون وضوح الأهداف، والقدرة على قياس الوصول لهذه الأهداف، لتحديد الأخطاء وتصويبها في حال وجودها، بغاية الوصول إلى الأهداف المقصودة ضمن المدة التي تم التخطيط لها، وضمن التكاليف المالية المخصصة لتنفيذها.
رابعًا: إدارة الوقت
عملية إدارة الوقت في تنفيذ مهام الشركة أحد أسس الإدارة الناجحة، وهي من المهارات الأساسية التي يجب على المدير امتلاكها، كونها تمثل جوهر نجاح المؤسسة. تظهر الإدارة الناجحة للوقت من خلال السعي الدائم لتسريع زمن الإنجاز، مع الحفاظ على نفس مستوى الجودة.
تدعم الإدارة الناجحة للوقت اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب، وهذا ما يوفر على المؤسسة تكاليف إضافية، ويتيح فرص الاستثمار بمشاريع جديدة خلال فترات أقصر زمنيًا.
خامسًا: تنفيذ السياسات والإجراءات
يمتاز المدير الناجح بالقدرة على اتخاذ القرار المناسب بما يتوافق مع قدرات الشركة، والوقت الذي تحتاجه الشركة للتنفيذ. حيث تتجلى وظائف وممارسات المدير تحت إطار فن الإدارة الناجحة بالقدرة على استخدام المعطيات المتوفرة بشكل سليم، والتنبؤ بالنتائج استنادًا لهذه المعطيات.
يوفر الالتزام اليومي بالسياسات والإرشادات الموضوعة فائدة كبيرة في اتخاذ القرارات ضمن الحدود الموضوعة من أجل ضبط حسن سير العمليات التشغيلية والإدارية لتحقيق أهداف المؤسسة.
لتقييم البيانات، إضافةً إلى تنظيمها وإدارتها مكانًا مهما ضمن خطوات الإدارة الناجحة، حيث يجب استعمال البيانات الداخلة أو الخارجة لتقييم أداء العاملين، المُعِدَّات وتقييم ما تم إنتاجه في المؤسسة، أو من أجل المقارنة مع الأهداف المطلوب تحقيقها.
الموظف أحد أهم العناصر والأسس التي تقوم عليها الإدارة الناجحة. حيث يتم تطبيق مفهوم الإدارة الناجحة بواسطة توجيه وإرشاد الموظفين، ومحاولة سد احتياجاتهم المتعلقة بالعمل مثل توفير البيئة المناسبة، والتعامل معهم على أنهم المورد الأكثر أهمية في إطار العملية الإدارية، ومساعدتهم في أمورهم الشخصية في حال قدرة الشركة على ذلك.
أسس هامة في فن الإدارة الناجحة
يعتمد فن الإدارة الناجحة على وضع خطوات وأسس إدارية تشمل تنفيذ مجموعة من الإجراءات الهامة في بيئة العمل، هذه الخطوات والأسس دليلًا لتوجيه عمل الشركة. ومن أهم أسس فن الإدارة الناجحة:
1. نمط المدير
يختلف أسلوب الإدارة من شخص لآخر من حيث المهارات، وعدد الموظفين ضمن نطاق إدارته في القسم إضافة إلى آليات تنفيذ العمل. لهذا يجب أن يتوفر لدى كل مدير مهارات خاصة بإدارة موظفي كل قسم وقيادتهم والتعاون معهم لتحقيق نجاح القسم والذي يعد خطوة نحو نجاح الشركة.
2. الدراية الكافية بمجالات الإدارة
ينبغي على المدير حتى يكون مديرًا ناجحًا لفريقه ومسؤولياته أن يركز على احتياجات الشركة المطلوب الوصول إليها من خلال فريق العمل، سواءً كانوا إداريين أو ميدانيين أو مراقبين، وتوصيف نمط العمل هل هو تخطيطي أم تنفيذي.
3. الحفاظ على الموظفين المتميزين وتعزيز انتمائهم للشركة
من أسس الإدارة الناجحة هو الحفاظ على الموظفين المتميزين، وعدم التخلي عنهم حرصًا على استقرار العلاقة بين الوقت وكمية الإنجاز، حيث أن تأهيل موظف جديد عملية صعبة تحتاج إلى تدريب وإنفاق مالي ووقت إضافي للحصول على موظف قادر على أداء المهام بشكل جيد.
يتمتع المدير الناجح بصفات وأساليب تساعد على انتماء الموظفين إلى المؤسسة التي يعملون بها بشكل تلقائي، وتبرز قدرة المدير في البحث عن أفكار متميزة تحقق الفائدة للمؤسسة ولجميع الموظفين. تعزز الإدارة الناجحة انتماء الموظفين عبر اختيار المتميزين منهم، والذين يسعون إلى تطوير المؤسسة وإنجاز المهام وتحقيق التطور الشخصي للموظف ضمن الشركة.
4. إدارة الوقت
تسعى الإدارة الناجحة إلى تقليص الوقت الذي يتم فيه إنجاز المهام في المؤسسة إلى الحد الأدنى، وابتكار استراتيجيات للتحكم بهذا الوقت بأسلوب ذكي، وذلك يترافق مع السعي الدائم لتسريع زمن الإنجاز مع الحفاظ على نفس مستوى الجودة بهدف تنفيذ عدد أكبر من الخدمات وتحقيق مبالغ مالية أكبر كإيرادات.
5. الثقة المتبادلة
أهم أسس الإدارة الناجحة هي الثقة المتبادلة بين الموظفين والإدارة، حيث يؤدي فقد هذه الثقة إلى إضعاف قدرات الإدارة في الوصول لأهداف وغايات الشركة. يتميز المدير الناجح بقدرته على بناء الثقة في جو العمل والحرص على متانة الروابط بينه وبين الموظفين.
أساليب الإدارة الناجحة
يتم تطوير وإدارة فريق عمل بشكل جيد على أساس أن فريق العمل هو من أهم عناصر نجاح أي مؤسسة، فلا يقتصر دور المديرون في الإشراف على الموظفين فقط، بل يتعدى ذلك إلى اتخاذ القرارات الصحيحة التي تؤثر على نجاح المؤسسة وموظفيها، بالإضافة إلى إدراك وتطبيق المهارات التي ترتقي إلى فن الإدارة الناجحة.
يمكن للمدير الناجح اتباع مجموعة من الأساليب للوصول إلى إرساء أسس الإدارة الناجحة للقسم أو المؤسسة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولًا: الإدارة اللامركزية
يتجسد فن الإدارة الناجحة بقدرة الفريق الإداري على أداء مهامه بمرونة، والبت بالقرارات دون العودة للإدارة المركزية، على أن يتم إعلام الإدارة المركزية بنتائج العمل الذي تم إنجازه. وهذا يمثل سرعة أكبر في إنجاز المهام دون غياب رِقابة الإدارة المركزية عن النشاطات التي تحصل في الفروع.
ثانيًا: تفويض الشخص المناسب
تم تعريف التفويض على أنه إعطاء الموظفين أصحاب الكفاءات القدرة على اتخاذ القرارات اللازمة لعمل الشركة، كل حسب نطاق إشرافه وتخصصه الوظيفي، وذلك استنادًا لقواعد الإدارة الناجحة في عمل الشركات.
يستطيع المدير تفويض الأشخاص لتشكيل فريق إداري مختص دون الرجوع إليه للبت بقضايا الشركة وفق تخصص الموظف، على أن لا تتداخل التفويضات الممنوحة للموظفين وتسبب نوع من الصدامات ضمن نطاق تفويض كل منهم.
ثالثًا: تأهيل كوادر الشركة
يعتمد فن الإدارة الناجحة على التأهيل الوظيفي للفرق بشكل مستمر، يجب على المدير امتلاك مهارات الإدارة الناجحة التي تساهم بشكل مستمر في تطوير الفرق نحو الأفضل. فبعد تأهيل كوادر الصف الأول لعمل الشركة، لا بد من العمل على تطوير كوادر الصف الثاني بالمتابعة والتدريب لاستثمار الوقت بطريقة مثلى، وذلك دون أي ضياع في موارد الشركة.
رابعًا: مصفوفة الاستجابة
يستطيع المدير امتلاك مفاتيح الإدارة الناجحة بواسطة بناء مصفوفة الاستجابة التي تحدد الأشخاص المعنيين بعمل معين ضمن الشركة، حيث يمكن تصنيف الموظفين من خلال المصفوفة إلى أربع أنواع:
ذات صلة:
admin