تمنحك ممارسة العمل الحر استقلاليةً عاليةً تأتي مع قدر هام من المسؤولية، فميزات المرونة والحرية في التنظيم، تقابلها مخاطر عدم استقرار الدخل بسبب فترات تراجع الطلب على الخدمات أو تأخير الدفع، أو بسبب نقص المدخول مقارنةً بالمصاريف الشخصية.
من خلال ما سبق ذكره، كيف يمكن تخفيض هذه المخاطر؟ الأمر في الحقيقة ليس بهذا التعقيد، ففي دراسة أجراها مجموعة من الباحثين البريطانيين حول درجة الرفاهية لدى المجموعات المختلفة من رواد الأعمال والموظفين، تبين أن العاملين المستقلين متساوون فيما يتعلق بالرضا عن الحياة مع العاملين لحسابهم الخاص وأصحاب العمل (العاملين لحسابهم الخاص مع الموظفين)، والعاملين بأجر؛ وبالتالي فإن الأمر يتعلق بمهارات تسيير هذه المخاطر أكثر من أي شيء آخر.
سنقدم في هذا المقال مجموعة نصائح لإدارة ميزانية العمل الحر بكفاءة وتطوير هذه المهارات.
ترتيب أولويات المصاريف
مع انتشار النزعة الاستهلاكية في المجتمعات المعاصرة، فإن التحكم في المصاريف يصبح في أحيان كثيرة أهم من حجم الدخل، حيث قد يبدو لنا للولهة الأولى أن ترتيب أولويات المصاريف يتعلق بتقديم تضحيات أو تفضيل حاجات معينة على أخرى، إلا أن الواقع ليس كذلك بالضرورة؛ ففي الحقيقة، يتعلق ترتيب أولويات المصاريف باتخاذ قرارات أفضل حول أوجه الإنفاق التي يقوم بها الشخص، وتحسين جودة هذه القرارات يمكن أن يتم من خلال اتباع السلوكيات التالية:
- التساؤل حول الحافز الحقيقي وراء قرار الإنفاق، هل هو نابع عن حاجة حقيقية أم عن رغبة؟ وما هي الإضافة التي سيقدمها على المديين القصير والبعيد.
- دراسة البدائل الممكنة لعملية الإنفاق الحالية، فقد يعطيك منتج أقل سعرًا تجربةً مماثلةً لتلك التي ستحصل عليها من إنفاق أموال أكبر.
- تقديم الاحتياجات على الرغبات، فقد ترغب في اقتناء أجهزة إلكترونية شخصية متطورة لتدعيم عملك، وهو أمر لا بأس به إذا كانت ظروفك المالية جيدة، لكن ينبغي أن يكون الحافز وراء ذلك حاجةً حقيقيةً لمشروعك الشخصي، وليس مجرد الرغبة في امتلاك تلك الأجهزة تحت تأثير النمط الاستهلاكي الذي نراه لدى صديق مثلًا أو على منصات التواصل الاجتماعي.
- الربط بين حجم الإنفاق والتدفق النقدي من الدخل الحالي، إذ قد يتميز العمل الحر بتذبذب الدخل ومرور فترات ذروة تتبعها فترات ركود، وهنا يكون من الأفضل تأجيل المصاريف الهامة في فترات الركود، والتركيز على تغطية الحاجات الأساسية.
- متابعة المصاريف الشخصية والاحتفاظ بقوائم شهرية قابلة للموازنة، إذ أن التحكم في أي شيء يتطلب أولا تحديده.
- الفصل بين المصاريف الشخصية ومصاريف العمل، ومن الأفضل استعمال بطاقتين بنكيتين مختلفتين لهذا الأمر.
- في حالة وجود مصاريف ثلاثية أو سداسية مثل مصاريف الكراء أو فاتورة الانترنت أو الهاتف، يٌفضل توزيعها على الفترة التي تغطيها، فيُقتطع من كل شهر جزء ملائم يخصص لتغطية المصروف المعني قبل تاريخ استحقاقه.
متابعة وتنظيم الوقت
يشكّل تنظيم الوقت تحدّيًا حقيقيًا للعمل الحر من المنزل بسبب طبيعته المرنة وصعوبة الابتعاد عن مصادر تشتيت الأفكار، لهذا فعند العمل على مشروع معين أو مشاريع متعددة كمستقل، يكون تنظيم الوقت مفتاح تحقيق النجاعة، والتي تترجم عمليًا إلى دخل أفضل وأكثر انتظامًا. وقد سبق ووجدت دراسة اُجربت على رواد أعمال حرة في روسيا سنة 2015، بأن الوقت عامل مهيمن في الحياة المهنية للمستقلين وبأنهم يعُدّونه موردًا أساسيًا، إذ يتوقف نجاحهم على قدرتهم على تسيير الوقت بكفاءة.
متابعة حجم العمل الذي يستغرقه كل مشروع هو أحد المداخل الأكثر عقلانيةً في التسعير، كما أن تنظيم الوقت يسمح للعامل الحر بإنجاز أكبر قدر ممكن من العمل وبناء حياة عملية صحية تجنّبه حالات الاحتراق المهني، وتخلق توازنًا في الجوانب الأخرى للحياة، وزيادة الدخل من خلال تحسين تدفق حجم العمل.
عمليًا، توجد العديد من الطرق الفعالة لتحسين تنظيم الوقت للعامل الحر، ومن بينها تخصيص مكان مستقل للعمل بعيدًا عن السرير أو المكان المخصص عادةً للراحة. تساهم هذه الطريقة في تعويد اللاوعي على الربط بين هذا المكان ومفهوم الإنتاجية، كما تسمح ببناء عادات نوم أفضل من خلال إبعاد الشاشات ومختلف أشكال النشاطات عن المكان المخصص للنوم. يُنصح أيضًا ببناء عادات وطقوس يومية والمحافظة عليها، إذ يساهم العمل الروتيني في تعويد الدماغ على أن يكون في حالة من التركيز والانتاجية دون جهد كبير.
من جهة أخرى، يُفضل أن يفتح العامل الحر حسابين بنكيين مستقلين على الأقل، الأول مخصص لمصاريفه الشخصية، بحيث تحول له الأموال في شكل أجرة دورية، والثاني مخصص فقط للعمل، إذ تعالج هذه الطريقة مشكلة تداخل المصاريف الشخصية مع الأموال التي من المفروض أن توجه للادخار أو إلى إعادة الاستثمار في توسيع العمل، وينبغي الحرص هنا على عدم استخدام البطاقة البنكية للعمل في تسديد أي مصاريف شخصية، فصحيح أن العمل الحر يعني أنك رئيس نفسه، لكنه يأتي أيضًا مع قدر هام من المسؤولية ويتضمن أن تعامل نفسك كموظف لدى نفسك في الكثير من الأحيان.
أخيرًا، تمثل قوائم المهام أداةً ممتازةً لتنظيم الوقت ومتابعة الانتاجية، ويُفضل أن تكون هذه القوائم مفصلةً قدر الإمكان، بحيث تحتوي على مجموعة من المهام البسيطة والخطوات الدقيقة التي يؤدي اتباعها إلى الوصول إلى إنجاز مشاريع أكبر حجمًا.
الادخار على المدى القصير والبعيد
يتعلق الادخار بتسطير أهداف مالية بعيدة الأمد، مثل التقاعد المبكر أو بدء مشروع أكبر، أو ادخار ما يكفي لحيازة مسكن، أو بوضع أهداف قصيرة الأمد تتعلق باقتناء مشتريات معينة، وكلاهما يدخل في حسن إدارة الميزانية من خلال توجيه الفائض من الدخل نحو تحقيق هذه الأهداف، ومن أجل تسهيل توجهك الادخاري نقترح النقاط التالية:
- تسديد اشتراكات الخدمات والتطبيقات المتعلقة بالعمل الحر في شكل خدمات سنوية بدل دفع اشتراك كل شهر، لأن العروض السنوية عادةً ما تكون أقل سعرًا وتسمح بتحقيق فارق إيجابي في التكلفة.
- التعامل مع مصاريف العمل بفعالية، حيث إذ التركيز على الأدوات التي تحقق الغرض المطلوب دون مبالغة ونؤكد هنا على أنك لا تحتاج إلى الأجهزة الإلكترونية الأحدث أو المعدات الأكثر تطورًا على الإطلاق لتنجح في العمل الحر.
- الاستفادة من عروض وقسائم التخفيضات المتاحة عند التخطيط للشراء، والحرص على الاطلاع على مختلف العروض المتوفرة في مختلف المواقع أو المحلات ومقارنة الأسعار قبل اتخاذ قرار الشراء.
- مراجعة أسعار الخدمات المقدمة ضمن العمل الحر، إذ من الطبيعي أن يميل المستقل إلى تقديم عروض خدمات بأسعار أقل في بداية مشواره المهني لبناء قاعدة عملاء وجذب مشاريع جديدة، لكن ينبغي تعدم التردد في تقديم أعلى قيمة بما يتلاءم والجهد المبذول.
- لا تتردد في تفويض جزء من العمل لمستقل آخر إذا كان ذلك يعني نجاعةً أكبر في التنفيذ، وبالتالي مدخولًا أسرع، فقد يتردد الكثير من رواد الأعمال الحرة في تسخير طرف آخر للقيام بجزء من المشروع رغم أن ذلك قد يعني تنفيذ المشروع في وقت أقل وبفعالية أكبر، والسبب هو الاعتقاد الضمني بأن ذلك سيحقق دخلًا أكبر في حين يهمل هذا الخيار الوقت المتوفر لإنجاز مشاريع أخرى وتعزيز الدخل.
- خصص حسابًا أو صندوقًا للمصاريف الطارئة، إذ أن مرضًا مفاجئًا أو حادثًا غير متوقع قد يؤدي إلى نزيف في الأموال إذا لم توجد موارد مخصصة لذلك على حدة في شكل صندوق للطوارئ.
التعرف على النظام الضريبي
تُعد الضرائب مصدر قلق للعديد من رواد الأعمال، إذ أن سوء تسيير رزنامة الضرائب قد يؤدي إلى اختلال التوازن المالي للمؤسسة أو للفرد المستقل بسبب الطبيعة التراكمية للضرائب وإمكانية فرض غرامات وعقوبات في حالة التخلف عن دفعها أو تجاهلها.
نتيجةً لذلك، يُنصح بأن يكون العامل الحر على علم بما إذا كانت هناك أي ضرائب تخضع لها الأنشطة المماثلة لنشاطه، فلكل بلد نظامه الضريبي المختلف، والذي يُفترض أنه يلائم السياسة الاقتصادية والطبيعة الاجتماعية السائدة، كما قد ينشط العامل الحر في بلد لا يفرض أي ضريبة على المستقلين، أو في بلد يفرض ضرائب عند حدود معينة من الدخل. أيضًا، قد يتطلب الأمر من المستقل إذا أراد الحصول على تأمين صحي أو الاستفادة من خدمات صناديق التقاعد الحصول على تصريحات معينة لممارسة عمله، والتي تتضمن تسجيل طبيعة النشاط لدى المصالح الضريبية، وعادةً ما تكون هذه المتطلبات تحت طائلة غرامات مالية.
يمكن الحصول على معلومات حول النظام الضريبي للبلد الذي تنشط فيه من بكل سهولة من خلال الدلائل التي تنشرها الحكومات المختلفة على مواقعها الرسمية، إلا أن الأمر قد يتطلب أحيانًا اللجوء إلى أخصائيين في القضايا الضريبية مثل مكاتب المحاسبة من أجل الضبط الدقيق لهذه الأمور.
استعمال تطبيقات إدارة الميزانية
يمكن لرواد العمل الحر الاستفادة من التطبيقات المجانية، والتي تقدم خدمات ذات جودة فيما يخص إدارة الميزانية، وقد يتردد العديد من الأفراد في الاستثمار في مثل هذه التطبيقات كونها غير مألوفة لديهم، إلا أن خاصيتي اختصار الوقت وتبسيط العلاقات المعقدة بين المعاملات المختلفة التي توفرها أغلب هذه التطبيقات، بالإضافة إلى إمكانية التواصل المباشر مع مستشارين خبراء، تجعل الاستثمار في استخدامها أمرا ذا جدوى.
في هذا الإطار، نقترح التطبيقات المجانية الثلاثة التالية بالإضافة إلى روابط لتحميلها ووصف مختصر لكل واحدة منها:
تطبيق Mint
يُعَد Mint أحد أفضل التطبيقات للمستقلين الراغبين في تتبع ميزانيتهم، إذ يتيح الاطلاع على الفواتير الشهرية وتحديد الأهداف ومتابعتها وزيادة المدخرات وإدارة الديون، بالإضافة إلى خاصية الميزانيات المتعددة وتتبع المصاريف ومراقبة مختلف الاشتراكات في الخدمات، ويمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
تطبيق Wave invoicing
اشتهر تطبيق Wave على أنه تطبيق للمحاسبة، إلا أنه جد مفيد في متابعة فواتير الخدمات التي يقدمها العامل الحر، إذ يمكنك إنشاء فواتير خاصة لكل عملية لمتابعتك الشخصية أو للتعامل مع العملاء، والتحقق الدوري من حالات هذه الفواتير وتسجيل المدفوعات وإرسال تنبيهات بالفواتير، ويمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
تطبيق Invoice Ninja
تطبيق Invoice Ninja هو تطبيق فوترة مشابه لـ Wave، يحتوي بالإضافة إلى الفواتير المجانية وإمكانيات الفوترة التلقائية على أدوات لتبسيط سير العمل والمصاريف وتتبع وقت وتدفق الفواتير، إذ يمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
الاستثمار في توسيع وتطوير العمل
أحد أهم خطوات الإدارة الحسنة لميزانية العمل الحر هو التفكير في تحسين جودة العمل من خلال إدخال أدوات وبرامج أكثر تطورًا، أو تحسين ظروف العمل عمومًا بما يتيح زيادة الإنتاجية، ومن الأمور التي يُنصح بها في هذا السياق ما يلي:
- استثمر في تطوير ذاتك، فمهارات العامل الحر هي رأس ماله الحقيقي، ويبدأ هذا الاستثمار عادةً من القراءة المستمرة حول مجال النشاط بهدف تعميق المعرفة والاطلاع على المستجدات، ويتطلب الاستثمار في تطوير الذات عدم التردد في تجريب طرق عمل جديدة وقضاء المزيد من الوقت في التدريب على نقاط الضعف الممكنة، كما يمكن الدفع مقابل دورات تكوينية سواءً على الانترنت أو حضوريًا، أو الحصول على إرشادات ومساعدة خبير مختص.
- الاستفادة من الإعلانات المدفوعة والتواصل مع الزبائن المحتملين، بحيث يمكنك عرض خدماتك والتعريف بعملك وبناء استراتيجية تسويقية سواءً باستعمال قناة واحدة أو عدة قنوات.
- يمكنك دائمًا عرض خدمات جديدة أو إضافية، إذ يتيح هذا التنوع فرصًا أكبر للحصول على مشاريع عمل وبالتالي تدفقات نقدية أكثر تنظيمًا، وقد يتم ذلك من خلال استعمال وتطوير مهارات جديدة، أو من خلال الاستعانة بأشخاص آخرين ذوي مهارات مختلفة عن مهاراتك للعمل على مشاريع أكثر تعقيدًا، فقد يضم فريقك ككاتب مصممًا ومبرمجًا، وهو ما يسهل الوصول إلى الزبائن الذين يريدون إيكال العمل إلى جهة واحدة بدل تقسيمه إلى مجموعة من المهام وتوزيعها على عدد من المستقلين.
تمنحك ممارسة العمل الحر استقلاليةً عاليةً تأتي مع قدر هام من المسؤولية، فميزات المرونة والحرية في التنظيم، تقابلها مخاطر عدم استقرار الدخل بسبب فترات تراجع الطلب على الخدمات أو تأخير الدفع، أو بسبب نقص المدخول مقارنةً بالمصاريف الشخصية.
من خلال ما سبق ذكره، كيف يمكن تخفيض هذه المخاطر؟ الأمر في الحقيقة ليس بهذا التعقيد، ففي دراسة أجراها مجموعة من الباحثين البريطانيين حول درجة الرفاهية لدى المجموعات المختلفة من رواد الأعمال والموظفين، تبين أن العاملين المستقلين متساوون فيما يتعلق بالرضا عن الحياة مع العاملين لحسابهم الخاص وأصحاب العمل (العاملين لحسابهم الخاص مع الموظفين)، والعاملين بأجر؛ وبالتالي فإن الأمر يتعلق بمهارات تسيير هذه المخاطر أكثر من أي شيء آخر.
سنقدم في هذا المقال مجموعة نصائح لإدارة ميزانية العمل الحر بكفاءة وتطوير هذه المهارات.
ترتيب أولويات المصاريف
مع انتشار النزعة الاستهلاكية في المجتمعات المعاصرة، فإن التحكم في المصاريف يصبح في أحيان كثيرة أهم من حجم الدخل، حيث قد يبدو لنا للولهة الأولى أن ترتيب أولويات المصاريف يتعلق بتقديم تضحيات أو تفضيل حاجات معينة على أخرى، إلا أن الواقع ليس كذلك بالضرورة؛ ففي الحقيقة، يتعلق ترتيب أولويات المصاريف باتخاذ قرارات أفضل حول أوجه الإنفاق التي يقوم بها الشخص، وتحسين جودة هذه القرارات يمكن أن يتم من خلال اتباع السلوكيات التالية:
متابعة وتنظيم الوقت
يشكّل تنظيم الوقت تحدّيًا حقيقيًا للعمل الحر من المنزل بسبب طبيعته المرنة وصعوبة الابتعاد عن مصادر تشتيت الأفكار، لهذا فعند العمل على مشروع معين أو مشاريع متعددة كمستقل، يكون تنظيم الوقت مفتاح تحقيق النجاعة، والتي تترجم عمليًا إلى دخل أفضل وأكثر انتظامًا. وقد سبق ووجدت دراسة اُجربت على رواد أعمال حرة في روسيا سنة 2015، بأن الوقت عامل مهيمن في الحياة المهنية للمستقلين وبأنهم يعُدّونه موردًا أساسيًا، إذ يتوقف نجاحهم على قدرتهم على تسيير الوقت بكفاءة.
متابعة حجم العمل الذي يستغرقه كل مشروع هو أحد المداخل الأكثر عقلانيةً في التسعير، كما أن تنظيم الوقت يسمح للعامل الحر بإنجاز أكبر قدر ممكن من العمل وبناء حياة عملية صحية تجنّبه حالات الاحتراق المهني، وتخلق توازنًا في الجوانب الأخرى للحياة، وزيادة الدخل من خلال تحسين تدفق حجم العمل.
عمليًا، توجد العديد من الطرق الفعالة لتحسين تنظيم الوقت للعامل الحر، ومن بينها تخصيص مكان مستقل للعمل بعيدًا عن السرير أو المكان المخصص عادةً للراحة. تساهم هذه الطريقة في تعويد اللاوعي على الربط بين هذا المكان ومفهوم الإنتاجية، كما تسمح ببناء عادات نوم أفضل من خلال إبعاد الشاشات ومختلف أشكال النشاطات عن المكان المخصص للنوم. يُنصح أيضًا ببناء عادات وطقوس يومية والمحافظة عليها، إذ يساهم العمل الروتيني في تعويد الدماغ على أن يكون في حالة من التركيز والانتاجية دون جهد كبير.
من جهة أخرى، يُفضل أن يفتح العامل الحر حسابين بنكيين مستقلين على الأقل، الأول مخصص لمصاريفه الشخصية، بحيث تحول له الأموال في شكل أجرة دورية، والثاني مخصص فقط للعمل، إذ تعالج هذه الطريقة مشكلة تداخل المصاريف الشخصية مع الأموال التي من المفروض أن توجه للادخار أو إلى إعادة الاستثمار في توسيع العمل، وينبغي الحرص هنا على عدم استخدام البطاقة البنكية للعمل في تسديد أي مصاريف شخصية، فصحيح أن العمل الحر يعني أنك رئيس نفسه، لكنه يأتي أيضًا مع قدر هام من المسؤولية ويتضمن أن تعامل نفسك كموظف لدى نفسك في الكثير من الأحيان.
أخيرًا، تمثل قوائم المهام أداةً ممتازةً لتنظيم الوقت ومتابعة الانتاجية، ويُفضل أن تكون هذه القوائم مفصلةً قدر الإمكان، بحيث تحتوي على مجموعة من المهام البسيطة والخطوات الدقيقة التي يؤدي اتباعها إلى الوصول إلى إنجاز مشاريع أكبر حجمًا.
الادخار على المدى القصير والبعيد
يتعلق الادخار بتسطير أهداف مالية بعيدة الأمد، مثل التقاعد المبكر أو بدء مشروع أكبر، أو ادخار ما يكفي لحيازة مسكن، أو بوضع أهداف قصيرة الأمد تتعلق باقتناء مشتريات معينة، وكلاهما يدخل في حسن إدارة الميزانية من خلال توجيه الفائض من الدخل نحو تحقيق هذه الأهداف، ومن أجل تسهيل توجهك الادخاري نقترح النقاط التالية:
التعرف على النظام الضريبي
تُعد الضرائب مصدر قلق للعديد من رواد الأعمال، إذ أن سوء تسيير رزنامة الضرائب قد يؤدي إلى اختلال التوازن المالي للمؤسسة أو للفرد المستقل بسبب الطبيعة التراكمية للضرائب وإمكانية فرض غرامات وعقوبات في حالة التخلف عن دفعها أو تجاهلها.
نتيجةً لذلك، يُنصح بأن يكون العامل الحر على علم بما إذا كانت هناك أي ضرائب تخضع لها الأنشطة المماثلة لنشاطه، فلكل بلد نظامه الضريبي المختلف، والذي يُفترض أنه يلائم السياسة الاقتصادية والطبيعة الاجتماعية السائدة، كما قد ينشط العامل الحر في بلد لا يفرض أي ضريبة على المستقلين، أو في بلد يفرض ضرائب عند حدود معينة من الدخل. أيضًا، قد يتطلب الأمر من المستقل إذا أراد الحصول على تأمين صحي أو الاستفادة من خدمات صناديق التقاعد الحصول على تصريحات معينة لممارسة عمله، والتي تتضمن تسجيل طبيعة النشاط لدى المصالح الضريبية، وعادةً ما تكون هذه المتطلبات تحت طائلة غرامات مالية.
يمكن الحصول على معلومات حول النظام الضريبي للبلد الذي تنشط فيه من بكل سهولة من خلال الدلائل التي تنشرها الحكومات المختلفة على مواقعها الرسمية، إلا أن الأمر قد يتطلب أحيانًا اللجوء إلى أخصائيين في القضايا الضريبية مثل مكاتب المحاسبة من أجل الضبط الدقيق لهذه الأمور.
استعمال تطبيقات إدارة الميزانية
يمكن لرواد العمل الحر الاستفادة من التطبيقات المجانية، والتي تقدم خدمات ذات جودة فيما يخص إدارة الميزانية، وقد يتردد العديد من الأفراد في الاستثمار في مثل هذه التطبيقات كونها غير مألوفة لديهم، إلا أن خاصيتي اختصار الوقت وتبسيط العلاقات المعقدة بين المعاملات المختلفة التي توفرها أغلب هذه التطبيقات، بالإضافة إلى إمكانية التواصل المباشر مع مستشارين خبراء، تجعل الاستثمار في استخدامها أمرا ذا جدوى.
في هذا الإطار، نقترح التطبيقات المجانية الثلاثة التالية بالإضافة إلى روابط لتحميلها ووصف مختصر لكل واحدة منها:
تطبيق Mint
يُعَد Mint أحد أفضل التطبيقات للمستقلين الراغبين في تتبع ميزانيتهم، إذ يتيح الاطلاع على الفواتير الشهرية وتحديد الأهداف ومتابعتها وزيادة المدخرات وإدارة الديون، بالإضافة إلى خاصية الميزانيات المتعددة وتتبع المصاريف ومراقبة مختلف الاشتراكات في الخدمات، ويمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
تطبيق Wave invoicing
اشتهر تطبيق Wave على أنه تطبيق للمحاسبة، إلا أنه جد مفيد في متابعة فواتير الخدمات التي يقدمها العامل الحر، إذ يمكنك إنشاء فواتير خاصة لكل عملية لمتابعتك الشخصية أو للتعامل مع العملاء، والتحقق الدوري من حالات هذه الفواتير وتسجيل المدفوعات وإرسال تنبيهات بالفواتير، ويمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
تطبيق Invoice Ninja
تطبيق Invoice Ninja هو تطبيق فوترة مشابه لـ Wave، يحتوي بالإضافة إلى الفواتير المجانية وإمكانيات الفوترة التلقائية على أدوات لتبسيط سير العمل والمصاريف وتتبع وقت وتدفق الفواتير، إذ يمكن تحميل التطبيق على متجر Google Play وعلى متجر Apple.
الاستثمار في توسيع وتطوير العمل
أحد أهم خطوات الإدارة الحسنة لميزانية العمل الحر هو التفكير في تحسين جودة العمل من خلال إدخال أدوات وبرامج أكثر تطورًا، أو تحسين ظروف العمل عمومًا بما يتيح زيادة الإنتاجية، ومن الأمور التي يُنصح بها في هذا السياق ما يلي:
ذات صلة:
No related posts.
admin