كتابة الرواية بين الموهبة والممارسة
عند البَدْء في أي شيء جديد، عادةً ما يظهر تساؤل هام وهو: هل يحتاج لموهبة أم مهارة تُثقل بالممارسة؟ أيضًا كتابة الرواية والكتابة عمومًا، فهل تحتاج للموهبة أم الممارسة والمهارات المكتسبة مع الوقت؟
وهنا علينا التفرقة بين الموهبة والمهارة، فالموهبة تعني القدرة الطبيعية للإنسان على القيام بشيء ما، ويحتاج القليل من الجهد لصقل موهبته، وعادةً ما يولد بها. بينما المهارة تعني القدرة غير الطبيعية على القيام بشيء ما، التي يتم تطويرها بالممارسة ومع مرور الوقت.
ربما تساعدك الموهبة على التعلم وصقل مهاراتك أسرع، إلا أن المهارة المكتسبة بالممارسة قد تعوّض من لا يملك الموهبة الطبيعية، فيحتاج لوقت أطول للتعلم مِن مَن يمتلك موهبة، ولكن قد يتفوق على صاحب الموهبة إذا استمر في التعلم والممارسة، فليس مستحيلًا أن تبدأ تعلم كتابة الرواية دون امتلاكك للموهبة، يكفي أن تتعلم تقنيات كتابة الرواية وتبدأ الكتابة ولا تتوقف.
بينما من يمتلك موهبة كتابة الرواية ولا يعمل على تطويرها، لن يستطيع اكتشافها من الأساس، وبذلك لن تتطور بالممارسة. ومهما كنت موهوبًا، فما زال هناك الكثير لتتعلمه، وستساعدك موهبتك الفطرية على التعلم والتطور بشكل أسرع، إلا أن اكتشاف الموهبة ليس سهلًا، إلا بالمحاولة والتجربة.
والأفضل في كتابة الرواية أن يمتلك الشخص كلًا من الموهبة والمهارة، فهنا يجمع بين قدرته الطبيعية على الكتابة ولا يتوقف عندها، بل يظل يتعلم ويمارس الكتابة حتى تصبح جودة إنتاجه من الروايات عالية، وتصبح عملية الممارسة والتعلم سهلة، لأنه يمتلك الموهبة فعلًا، فلا تنفع الموهبة المجردة من التدريب والعمل لإنتاج عمل أدبي ناجح.
عناصر كتابة الرواية
وكما يحتاج أي عمل فني معقد لتوافر عدد من العناصر والتقنيات المختلفة، التي تتداخل بسلاسة لصناعة عمل ناجح، فتحتاج الرواية لعدة عناصر لتوفر الحبكة الناجحة في النهاية وللحصول على أفضل نتيجة لكتابة الرواية. حيث يتطلب كتابة رواية ناجحة توافر 7 عناصر أساسية، هي:
1. الشخصيات
عادةً ما يكون هناك شخصية رئيسية في الرواية، تدور حولها معظم الأحداث، ويرتبط بها القارئ بشكلٍ وثيق ويتتبع الجديد حولها في مطالعته للرواية. وشخصيات فرعية أو ثانوية تمثل عائق أمام الشخصية الرئيسية أو عامل مساعد، يهدف وجودها إمداد القراء بالمعلومات عن بطل الرواية، التي لن تأتي على لسانه.
2. أسلوب السرد
هناك ثلاث أساليب لسرد الرواية، وأول هذه الأساليب أن تتضمن الرواية أسلوب المتكلم في الحديث، باستخدام الضمير أنا أو نحن، وثانيها هو أسلوب المخاطب بتضمين ضمائر أنت أو أنتِ أو أنتم أو أنتن للقراء، وثالث الأساليب تستعين بشخصية الراوي بشكل أساسي للتحدث عن الشخصيات باستخدام ضمائر الغائب.
لذلك من المهم، تحديد أسلوب السرد الأمثل لفكرة روايتك وموضوعها من البداية، الذي سيستمر من بداية الرواية لنهايتها.
3. الحبكة
الحبكة هي أساس الرواية كعمل فني، فإذا كانت قوية، أنعكس ذلك على الرواية، ويقصد بالحبكة سير أحداث الرواية تجاه الحل، وتستند بشكل أساسي إلى الصراع، والأحداث التي تجعل القراء يرغبون في معرفة المستقبل والكشف عنه سريعًا، ويحاولون التنبؤ به، فهي ما حدث ولماذا.
والأفضل أن تكون الحبكة دسمة وغنية بالأحداث، بالإضافة لعُقد ومشكلات مركبة وتطورات غير متوقعة، واترك قارئك يتنبأ بأحداث روايتك وأعطهِ ما يحلله ويفكر به، فيستمتع بين صفحاته، ولكن عليك ألا تبالغ أو تتصنع في حبكة الرواية، حتى لا ترهق عقل القراء.
4. البنيان
تتكون بنية الرواية من خمس عناصر أساسية، وعليك أن توليها جميعها اهتمام بالغ، وتجعلها مترابطة في النهاية، وهي:
- المقدمة: وفيها تعرّف القراء إلى شخصيات وأبطال الرواية.
- المكان والزمان
- الذروة: وهي اللحظة الأهم في الرواية، وتصل فيها المشكلة إلى العقدة.
- فك العقدة: أي سكون ما بعد عاصفة الذروة الهوجاء، وفيها تنحل كل المشكلات واحدة تلو الأخرى.
- الختام: وفيها نهاية الأحداث، عند ضمور نار المشاكل.
5. المكان و الزمان
في أي رواية توجد شخصياتك في مكانٍ وزمانٍ ما، لذا فرسمهما بإتقان يضيف الواقعية لروايتك، وقد تتفاوت أهمية المكان من رواية لأخرى، فإن كانت الشخصية تحاول النجاة في مكان ناءٍ، فوصف المكان وتطوراته مهم، والعكس صحيح. بينما إن كانت الشخصية في حرم جامعي مثلًا، فوصف المكان بالتفصيل ليس إلا وسيلة زيادة عدد .
كلمات كتابك!
6. الأسلوب والنبرة
الرواية وأسلوبها توأم روح لا ينفصلان، فلكل كاتب محترف أسلوب طوّره مع سنين ممارسته، فبعض الكتّاب لديهم أسلوب دسم وثقيل، وبعضهم أسلوبه بسيط وواضح المعنى.
أما النبرة فهي مقرونة بالأسلوب، فهي تعبر عن الجو السائد في الرواية، أي ما تشعر به عند انتهائك من روايتك في منتصف الليل على سريرك وأنت تنظر لسقف غرفتك، ويتحدد وفقًا لذوق الكاتب في انتقاء كلماته وأسلوبه.
7. المغزى والعبرة
لا تضيّع وقت قارئك بكتابة قصة خالية من الحكم، فجمال القصة فيما يجده بين السطور. ويفضل عدم تحديد الحكمة في البداية، كي لا تتمحور قصتك حولها بشكلٍ ممل، بل دع قارئك يحفر ليجدها بنفسه ويصيغ أركانها حسب قالب حياته.
خطوات كتابة الرواية
بعد أن تعرفت إلى مكونات الرواية وعناصرها الأساسية، تستطيع الآن التخطيط والبدء في كتابة روايتك الأولى، التي تحتاج منك امتلاك مهارات الكتابة الإبداعية، والعمل على تنميتها.
أولًا: أوجد فكرة لروايتك
إذا كان لديك فعلًا فكرة أو أكثر لرواية ما، فهذا أفضل وسيسهل عليك بعد ذلك الوصول للفكرة الأفضل بينهم. أما إذا لم تكن تمتلك أي فكرة من الأساس، فيمكنك قراءة العديد من الروايات بأنواعها المختلفة؛ لتستطيع تحديد النوع الأقرب الذي ترغب في الكتابة عنه، وتصل بعد ذلك لفكرتك التي عادةً ما تستلهمها من كتابات الآخرين، إذ يمكنك تناول زاوية معينة في رواية ما، أو الحصول على فكرة جديدة لروايتك الأولى.
ثم ابدأ في صياغة الفكرة في شكل فرضية تُلخص روايتك وما ترغب في تناوله فيها، وإليك نموذج للفرضية:
يسحب الإعصار فتاة صغيرة لأرض سحرية، وتبحث عن الساحر الذي يساعدها للوصول إلى بيتها
بحيث تتضمن الفرضية الشخصيات الرئيسية والهدف الذي يسعون للوصول إليه والعائق أو الأزمة التي يواجهنها، وتتمثل الشخصيات الرئيسية في المثال المطروح في الفتاة الصغيرة والساحر، والعائق هنا هو الإعصار، والهدف الأساسي في الرواية هو وصول الفتاة الصغيرة لبيتها.
ثانيًا: ضَع جدول زمني
بمجرد الانتهاء من فكرة الرواية، تحتاج لوضع جدول زمني للانتهاء من مسودة الرواية الأولى، وبعض كتاب الرواية يرجحون ألا يتعدى هذا الوقت مدة الأربعة أشهر، وذلك حتى لا تماطل في الوقت، الذي سيؤثر عليك سلبًا ويجعلك شخصًا عصبيًا لا تستطع التحكم في وقتك.
وبالطبع لن تستطيع الانتهاء من روايتك في يومٍ واحد، إلا أنك تحتاج لتحقيق تقدم في الكتابة بشكلٍ يومي؛ لذلك ستحتاج لوضع جدول زمني مصغر للخطوات الصغيرة التي تنجزها بشكل يومي أو أسبوعي، لتقسيم المهام الخاصة بكتابة روايتك. وإذا التزمت بتلك المواعيد النهائية اليومية أو الأسبوعية، فذلك مؤشر قوي على نجاحك في الإيفاء بميعاد الانتهاء من مسودة الرواية.
ثالثًا: جَهّز تبعات عدم الالتزام
حتى تستطيع الإيفاء بجدولك الزمني على المدى الطويل والقصير، تحتاج لوضع بعض الشروط والعواقب التي تنفذها أو تتعرض لها عندما تتخلف عن إحدى مواعيدك في إنجاز جزء ما في روايتك.
فعدم التزامك بالموعد النهائي، يعرضك لعواقب تحددها مسبقًا، حتى تلتزم بمواعيدك بأقصى درجة ممكنة، كأن تتخلف عن حلقة جديدة من برنامجك المفضل أو تتخلف عن إحدى رحلاتك المفضلة.
رابعًا: لا ترفع من توقعاتك
الكتابة مهارة تتطور مع الوقت، لذا فمشروعك الأول سيختلف عن الثاني والعاشر، لذا عليك تقبّل عدم الكمال وأنك بمجرد انتهاء روايتك الأولى، لن تكون راضيًا عن الكثير مما كتبته. من أجل ذلك، عليك أن تتقبّل الأمر وتوقن أن مهارتك ستتطور مع استغلالها والاستمرار في الكتابة، وعليك الآن التركيز على الكتابة وبذل أقصى جهد ممكن للحصول على أفضل نتيجة حالية.
خامسًا: اقرأ وشاهد كثيرًا
بالتزامن مع البَدْء في الكتابة، تحتاج لقراءة الروايات ومشاهدة الأفلام من نفس نوع روايتك، فلا تتحمس لروايتك كثيرًا وتظن أن فكرتها ونوعها فريد، فالكثير من الروايات الفريدة قليلة الجودة، بينما هناك الكثير من الروايات التي تناولت موضوعات مكررة عالية الجودة، فالتفرد في الموضوع هنا لا يضمن الجودة.
سادسًا: اهتم ببناء الرواية
بناء الرواية القوي هو الأهم دائمًا، ولا تعتمد بنية الرواية على عنصر واحد، بل تحتاج لخلق شخصيات قوية مترابطة، فلا تضيف إحدى الشخصيات بلا هدف أو قيمة، وإنما عليك وضع حبكة قوية تقوم عليها أساس الأحداث.
كما تحتاج للاهتمام بالذروة، فهي اللحظة الأهم في روايتك، وتتحول فيها الأحداث وتتأزم بشكلٍ كبير، فعادةً ما يكون هناك عدد محدود من اللحظات المحورية، فأنت تحتاج للتفكير فيها بعناية، وكيفية صياغتها بالشكل الإبداعي الأمثل لتوصيل المشاعر المطلوبة.
سابعًا: تخيّل جمهورك
عليك أن تتخيل جَمهور روايتك الأمثل، وتضع له بعض المواصفات، ما يساعدك بشكلٍ كبير على فهم انطباعاته ودواخله، فتستطيع مراعاة الكلمات والتعبيرات التي تؤثر فيه، وتستغل لغتك وصياغة روايتك بالشكل الأمثل الذي يجعلك تصل لجمهورك بأبسط طريقة ممكنة.
ثامنًا: كوّن فريقك
أنت العامل الأهم في نجاح روايتك، ولكن لا يمكن أن تكون الوحيد؛ فحتى تصل روايتك إلى النور، تحتاج للعديد من المراحل والأشخاص الذين سيساعدنك في الوصول لنسختك النهائية، وعليك أن تحدد من تحتاج إليه.
فربما تحتاج لمدقق لُغَوي يساعدك على التدقيق الإملائي ووضع علامات الترقيم في مكانها الأمثل دون فرط أو تفريط، أو لفريق للصياغة والتأليف، وربما تحتاج لمصمم لغلاف روايتك.
كما تحتاج إلى التعاون مع ناشر ودار نشر تؤمن بروايتك وتخرجها بالشكل الأفضل كما تريد، بالإضافة للتخطيط لعملية النشر مع فريقك، ووضع الأفكار لتخيل الشكل النهائي لروايتك.
تاسعًا: ثق بتقدمك ولا تتوقف
ربما تنتابك بعض المشاعر السلبية في أثناء الكتابة، فلا تجعلها تؤثر عليك، وكن فخورًا بما أحرزته من تقدم حتى الآن، وعليك ألا تتوقف أبدًا عن روايتك وتستكملها حتى النهاية.
حتى تستطيع المواصلة، عليك ألا تضع توقعات كبيرة، فهذه تجربتك الأولى، وعليك أن تتقبّل الأخطاء الواردة وتؤمن بالتطور مع الزمن.
عاشرًا: استعد للنهاية
بمجرد الانتهاء من المُسَوَّدَة الأولى لروايتك، عليك أن تقرأها أكثر من مرة، ولا تخصص المرة الأولى للمراجعة والتنقيح، ولكن اقرأها كقارئ عادي. ولا تترد بعد ذلك في التعديل والمراجعة، حتى تصبح راضيًا عنها بشكلٍ كبير، ويمكنك في تلك المرحلة الاستعانة ببعض أفراد فريقك.
كتابة الرواية بين الموهبة والممارسة
عند البَدْء في أي شيء جديد، عادةً ما يظهر تساؤل هام وهو: هل يحتاج لموهبة أم مهارة تُثقل بالممارسة؟ أيضًا كتابة الرواية والكتابة عمومًا، فهل تحتاج للموهبة أم الممارسة والمهارات المكتسبة مع الوقت؟
وهنا علينا التفرقة بين الموهبة والمهارة، فالموهبة تعني القدرة الطبيعية للإنسان على القيام بشيء ما، ويحتاج القليل من الجهد لصقل موهبته، وعادةً ما يولد بها. بينما المهارة تعني القدرة غير الطبيعية على القيام بشيء ما، التي يتم تطويرها بالممارسة ومع مرور الوقت.
ربما تساعدك الموهبة على التعلم وصقل مهاراتك أسرع، إلا أن المهارة المكتسبة بالممارسة قد تعوّض من لا يملك الموهبة الطبيعية، فيحتاج لوقت أطول للتعلم مِن مَن يمتلك موهبة، ولكن قد يتفوق على صاحب الموهبة إذا استمر في التعلم والممارسة، فليس مستحيلًا أن تبدأ تعلم كتابة الرواية دون امتلاكك للموهبة، يكفي أن تتعلم تقنيات كتابة الرواية وتبدأ الكتابة ولا تتوقف.
بينما من يمتلك موهبة كتابة الرواية ولا يعمل على تطويرها، لن يستطيع اكتشافها من الأساس، وبذلك لن تتطور بالممارسة. ومهما كنت موهوبًا، فما زال هناك الكثير لتتعلمه، وستساعدك موهبتك الفطرية على التعلم والتطور بشكل أسرع، إلا أن اكتشاف الموهبة ليس سهلًا، إلا بالمحاولة والتجربة.
والأفضل في كتابة الرواية أن يمتلك الشخص كلًا من الموهبة والمهارة، فهنا يجمع بين قدرته الطبيعية على الكتابة ولا يتوقف عندها، بل يظل يتعلم ويمارس الكتابة حتى تصبح جودة إنتاجه من الروايات عالية، وتصبح عملية الممارسة والتعلم سهلة، لأنه يمتلك الموهبة فعلًا، فلا تنفع الموهبة المجردة من التدريب والعمل لإنتاج عمل أدبي ناجح.
عناصر كتابة الرواية
وكما يحتاج أي عمل فني معقد لتوافر عدد من العناصر والتقنيات المختلفة، التي تتداخل بسلاسة لصناعة عمل ناجح، فتحتاج الرواية لعدة عناصر لتوفر الحبكة الناجحة في النهاية وللحصول على أفضل نتيجة لكتابة الرواية. حيث يتطلب كتابة رواية ناجحة توافر 7 عناصر أساسية، هي:
1. الشخصيات
عادةً ما يكون هناك شخصية رئيسية في الرواية، تدور حولها معظم الأحداث، ويرتبط بها القارئ بشكلٍ وثيق ويتتبع الجديد حولها في مطالعته للرواية. وشخصيات فرعية أو ثانوية تمثل عائق أمام الشخصية الرئيسية أو عامل مساعد، يهدف وجودها إمداد القراء بالمعلومات عن بطل الرواية، التي لن تأتي على لسانه.
2. أسلوب السرد
هناك ثلاث أساليب لسرد الرواية، وأول هذه الأساليب أن تتضمن الرواية أسلوب المتكلم في الحديث، باستخدام الضمير أنا أو نحن، وثانيها هو أسلوب المخاطب بتضمين ضمائر أنت أو أنتِ أو أنتم أو أنتن للقراء، وثالث الأساليب تستعين بشخصية الراوي بشكل أساسي للتحدث عن الشخصيات باستخدام ضمائر الغائب.
لذلك من المهم، تحديد أسلوب السرد الأمثل لفكرة روايتك وموضوعها من البداية، الذي سيستمر من بداية الرواية لنهايتها.
3. الحبكة
الحبكة هي أساس الرواية كعمل فني، فإذا كانت قوية، أنعكس ذلك على الرواية، ويقصد بالحبكة سير أحداث الرواية تجاه الحل، وتستند بشكل أساسي إلى الصراع، والأحداث التي تجعل القراء يرغبون في معرفة المستقبل والكشف عنه سريعًا، ويحاولون التنبؤ به، فهي ما حدث ولماذا.
والأفضل أن تكون الحبكة دسمة وغنية بالأحداث، بالإضافة لعُقد ومشكلات مركبة وتطورات غير متوقعة، واترك قارئك يتنبأ بأحداث روايتك وأعطهِ ما يحلله ويفكر به، فيستمتع بين صفحاته، ولكن عليك ألا تبالغ أو تتصنع في حبكة الرواية، حتى لا ترهق عقل القراء.
4. البنيان
تتكون بنية الرواية من خمس عناصر أساسية، وعليك أن توليها جميعها اهتمام بالغ، وتجعلها مترابطة في النهاية، وهي:
5. المكان و الزمان
في أي رواية توجد شخصياتك في مكانٍ وزمانٍ ما، لذا فرسمهما بإتقان يضيف الواقعية لروايتك، وقد تتفاوت أهمية المكان من رواية لأخرى، فإن كانت الشخصية تحاول النجاة في مكان ناءٍ، فوصف المكان وتطوراته مهم، والعكس صحيح. بينما إن كانت الشخصية في حرم جامعي مثلًا، فوصف المكان بالتفصيل ليس إلا وسيلة زيادة عدد .
كلمات كتابك!
6. الأسلوب والنبرة
الرواية وأسلوبها توأم روح لا ينفصلان، فلكل كاتب محترف أسلوب طوّره مع سنين ممارسته، فبعض الكتّاب لديهم أسلوب دسم وثقيل، وبعضهم أسلوبه بسيط وواضح المعنى.
أما النبرة فهي مقرونة بالأسلوب، فهي تعبر عن الجو السائد في الرواية، أي ما تشعر به عند انتهائك من روايتك في منتصف الليل على سريرك وأنت تنظر لسقف غرفتك، ويتحدد وفقًا لذوق الكاتب في انتقاء كلماته وأسلوبه.
7. المغزى والعبرة
لا تضيّع وقت قارئك بكتابة قصة خالية من الحكم، فجمال القصة فيما يجده بين السطور. ويفضل عدم تحديد الحكمة في البداية، كي لا تتمحور قصتك حولها بشكلٍ ممل، بل دع قارئك يحفر ليجدها بنفسه ويصيغ أركانها حسب قالب حياته.
خطوات كتابة الرواية
بعد أن تعرفت إلى مكونات الرواية وعناصرها الأساسية، تستطيع الآن التخطيط والبدء في كتابة روايتك الأولى، التي تحتاج منك امتلاك مهارات الكتابة الإبداعية، والعمل على تنميتها.
أولًا: أوجد فكرة لروايتك
إذا كان لديك فعلًا فكرة أو أكثر لرواية ما، فهذا أفضل وسيسهل عليك بعد ذلك الوصول للفكرة الأفضل بينهم. أما إذا لم تكن تمتلك أي فكرة من الأساس، فيمكنك قراءة العديد من الروايات بأنواعها المختلفة؛ لتستطيع تحديد النوع الأقرب الذي ترغب في الكتابة عنه، وتصل بعد ذلك لفكرتك التي عادةً ما تستلهمها من كتابات الآخرين، إذ يمكنك تناول زاوية معينة في رواية ما، أو الحصول على فكرة جديدة لروايتك الأولى.
ثم ابدأ في صياغة الفكرة في شكل فرضية تُلخص روايتك وما ترغب في تناوله فيها، وإليك نموذج للفرضية:
بحيث تتضمن الفرضية الشخصيات الرئيسية والهدف الذي يسعون للوصول إليه والعائق أو الأزمة التي يواجهنها، وتتمثل الشخصيات الرئيسية في المثال المطروح في الفتاة الصغيرة والساحر، والعائق هنا هو الإعصار، والهدف الأساسي في الرواية هو وصول الفتاة الصغيرة لبيتها.
ثانيًا: ضَع جدول زمني
بمجرد الانتهاء من فكرة الرواية، تحتاج لوضع جدول زمني للانتهاء من مسودة الرواية الأولى، وبعض كتاب الرواية يرجحون ألا يتعدى هذا الوقت مدة الأربعة أشهر، وذلك حتى لا تماطل في الوقت، الذي سيؤثر عليك سلبًا ويجعلك شخصًا عصبيًا لا تستطع التحكم في وقتك.
وبالطبع لن تستطيع الانتهاء من روايتك في يومٍ واحد، إلا أنك تحتاج لتحقيق تقدم في الكتابة بشكلٍ يومي؛ لذلك ستحتاج لوضع جدول زمني مصغر للخطوات الصغيرة التي تنجزها بشكل يومي أو أسبوعي، لتقسيم المهام الخاصة بكتابة روايتك. وإذا التزمت بتلك المواعيد النهائية اليومية أو الأسبوعية، فذلك مؤشر قوي على نجاحك في الإيفاء بميعاد الانتهاء من مسودة الرواية.
ثالثًا: جَهّز تبعات عدم الالتزام
حتى تستطيع الإيفاء بجدولك الزمني على المدى الطويل والقصير، تحتاج لوضع بعض الشروط والعواقب التي تنفذها أو تتعرض لها عندما تتخلف عن إحدى مواعيدك في إنجاز جزء ما في روايتك.
فعدم التزامك بالموعد النهائي، يعرضك لعواقب تحددها مسبقًا، حتى تلتزم بمواعيدك بأقصى درجة ممكنة، كأن تتخلف عن حلقة جديدة من برنامجك المفضل أو تتخلف عن إحدى رحلاتك المفضلة.
رابعًا: لا ترفع من توقعاتك
الكتابة مهارة تتطور مع الوقت، لذا فمشروعك الأول سيختلف عن الثاني والعاشر، لذا عليك تقبّل عدم الكمال وأنك بمجرد انتهاء روايتك الأولى، لن تكون راضيًا عن الكثير مما كتبته. من أجل ذلك، عليك أن تتقبّل الأمر وتوقن أن مهارتك ستتطور مع استغلالها والاستمرار في الكتابة، وعليك الآن التركيز على الكتابة وبذل أقصى جهد ممكن للحصول على أفضل نتيجة حالية.
خامسًا: اقرأ وشاهد كثيرًا
بالتزامن مع البَدْء في الكتابة، تحتاج لقراءة الروايات ومشاهدة الأفلام من نفس نوع روايتك، فلا تتحمس لروايتك كثيرًا وتظن أن فكرتها ونوعها فريد، فالكثير من الروايات الفريدة قليلة الجودة، بينما هناك الكثير من الروايات التي تناولت موضوعات مكررة عالية الجودة، فالتفرد في الموضوع هنا لا يضمن الجودة.
سادسًا: اهتم ببناء الرواية
بناء الرواية القوي هو الأهم دائمًا، ولا تعتمد بنية الرواية على عنصر واحد، بل تحتاج لخلق شخصيات قوية مترابطة، فلا تضيف إحدى الشخصيات بلا هدف أو قيمة، وإنما عليك وضع حبكة قوية تقوم عليها أساس الأحداث.
كما تحتاج للاهتمام بالذروة، فهي اللحظة الأهم في روايتك، وتتحول فيها الأحداث وتتأزم بشكلٍ كبير، فعادةً ما يكون هناك عدد محدود من اللحظات المحورية، فأنت تحتاج للتفكير فيها بعناية، وكيفية صياغتها بالشكل الإبداعي الأمثل لتوصيل المشاعر المطلوبة.
سابعًا: تخيّل جمهورك
عليك أن تتخيل جَمهور روايتك الأمثل، وتضع له بعض المواصفات، ما يساعدك بشكلٍ كبير على فهم انطباعاته ودواخله، فتستطيع مراعاة الكلمات والتعبيرات التي تؤثر فيه، وتستغل لغتك وصياغة روايتك بالشكل الأمثل الذي يجعلك تصل لجمهورك بأبسط طريقة ممكنة.
ثامنًا: كوّن فريقك
أنت العامل الأهم في نجاح روايتك، ولكن لا يمكن أن تكون الوحيد؛ فحتى تصل روايتك إلى النور، تحتاج للعديد من المراحل والأشخاص الذين سيساعدنك في الوصول لنسختك النهائية، وعليك أن تحدد من تحتاج إليه.
فربما تحتاج لمدقق لُغَوي يساعدك على التدقيق الإملائي ووضع علامات الترقيم في مكانها الأمثل دون فرط أو تفريط، أو لفريق للصياغة والتأليف، وربما تحتاج لمصمم لغلاف روايتك.
كما تحتاج إلى التعاون مع ناشر ودار نشر تؤمن بروايتك وتخرجها بالشكل الأفضل كما تريد، بالإضافة للتخطيط لعملية النشر مع فريقك، ووضع الأفكار لتخيل الشكل النهائي لروايتك.
تاسعًا: ثق بتقدمك ولا تتوقف
ربما تنتابك بعض المشاعر السلبية في أثناء الكتابة، فلا تجعلها تؤثر عليك، وكن فخورًا بما أحرزته من تقدم حتى الآن، وعليك ألا تتوقف أبدًا عن روايتك وتستكملها حتى النهاية.
حتى تستطيع المواصلة، عليك ألا تضع توقعات كبيرة، فهذه تجربتك الأولى، وعليك أن تتقبّل الأخطاء الواردة وتؤمن بالتطور مع الزمن.
عاشرًا: استعد للنهاية
بمجرد الانتهاء من المُسَوَّدَة الأولى لروايتك، عليك أن تقرأها أكثر من مرة، ولا تخصص المرة الأولى للمراجعة والتنقيح، ولكن اقرأها كقارئ عادي. ولا تترد بعد ذلك في التعديل والمراجعة، حتى تصبح راضيًا عنها بشكلٍ كبير، ويمكنك في تلك المرحلة الاستعانة ببعض أفراد فريقك.
ذات صلة:
No related posts.
admin