قد يحيرك أحيانًا عدم قدرة بعض أصحاب العلامات التجارية على تحقيق نجاح ملموس رغم كل ما يبذلونه من جهد لتقديم أفضل المنتجات والخدمات، ولكن سرعان ما ستنتهي حيرتك إذا أدركت أنه ثمة فرقًا كبيرًا بين قيمة العلامة التجارية، والقيمة المدركة للعلامة التجارية.

 

إذ أن تقدير قيمة العلامة التجارية لا يرتبط مباشرة بجوهرها أو قيمتها الذاتية، وإنما يرتبط بشكل أساسي برأي الجمهور فيها وكل ما يدركه أو يعرفه عنها. لذا فإن استهدافك لتحسين قيمة علامتك التجارية يستلزم لا محالة التفكير أولًا وأخيرًا في كيفية تمتُع هذه العلامة بقيمة عالية من منظور المستهلكين بالأساس.

هل قيمة العلامة التجارية مهمة حقًا؟

استرجع معي ذكرياتك عن المنتجات التي كنت معتاد على شرائها في مرحلة الطفولة، هل جميعها مازال موجودًا بالأسواق؟ بالطبع لا، فالكثير من المنتجات والعلامات التجارية التي لم يمر عليها أكثر من عشرين أو ثلاثين عامًا اختفت بشكل كامل، ولكن مع ذلك استطاعت بعض العلامات التجارية أن تحافظ على تواجدها، بل على قوتها حتى الآن.

لا يحتاج الأمر إلى المزيد من التحليل والبحث، فإذا سألنا أنفسنا ببساطة عن انطباعاتنا حول علامات تجارية مثل: أديداس، وأبل، كوكاكولا، سنجد أن أغلبنا ينظر إليها على أنها علامات تجارية عالمية قيّمة. وبالتالي فإن قيمة العلامة التجارية في أذهان الجمهور هي التي تحدد مدى استمراريتها ونجاحها.

يُعد بناء قيمة العلامة التجارية من الوسائل التسويقية التي تؤتي نتائج مبهرة ولكن غير آنية. وبالتالي فإن تبني هذا الأسلوب يحتاج إلى الصبر وقد يحتاج إلى تقديم بعض التضحيات في الفترات الأولى مقابل الحصول على مكاسب طائلة في الفترات اللاحقة. إليك بعض العناصر التي تساعدك على بناء علامة تجارية ناجحة تتمتع بقيمة حقيقية:

  • الجودة هي أساس قيمة العلامة التجارية

نعلم جيدًا أن تقديم منتجات أو خدمات تتمتع بجودة عالية يحتم على المنتِج رفع السعر، ومع ذلك فإن الكثير من المستهلكين مستعدون لإنفاق كم أكبر من المال مقابل الحصول على جودة أعلى. فإذا قارنت مثلا أسعار منتجات أديداس أو أبل بأسعار معظم منافسيهم، ستجد فجوة كبيرة بين الطرفين، ومع ذلك يتمسك الكثيرون بالشراء من هذه العلامات التجارية لثقتهم في جودة ما تقدمه من منتجات.

لكن لا بد من الالتفات هنا إلى أن بناء قيمة العلامة التجارية من خلال التركيز على عنصر الجودة يستلزم تَيقُن العملاء من جودة منتجاتك، ولكي يحدث هذا فلا بد من دفع بعضهم للتجربة. لذا عليك التنازل في البداية عن تحقيق أرباح مرتفعة والاكتفاء بتقديم المنتجات بأسعار أعلى قليلًا عن سعر التكلفة حتى لا يعزف الكثير من المستهلكين عن الشراء بسبب السعر.

  • اخلق وعي كافي بعلامتك التجارية

أحد أهم أسس بناء قيمة العلامة التجارية، هو التأكد من أن المستهلكين يعرفون علامتك التجارية بشكل جيد. ولا يمكنك فعل ذلك إلا بتواجدك المستمر على مواقع التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى تستطيع من خلالها الوصول لأكبر عدد من الجمهور المستهدف. من المفيد أن يكون لك دورًا في الأنشطة الخيرية أو الرياضية التي يهتم بها المجتمع، حتى ينتشر اسم علامتك التجارية بين أبنائه وتستطيع بناء وعي كافي بعلامتك التجارية لديهم.

ومن المهم ألا تصل لجمهورك برسائل تخص منتجاتك فقط، وإنما عليك إعلامهم بأمور تخص علامتك التجارية مثل: ملابسات تأسيسها وأهم المحطات التي مرت بها. ويعتبر أيضًا من أفضل السبل لنشر الوعي بعلامتك التجارية بين المستهلكين هم المستهلكون أنفسهم، لذا حوّل عملاءك إلى مسوقين لمنتجاتك، وشجعهم على الترويج لك من خلال مكافأتهم ببعض الهدايا أو الخصومات في حال قام أي شخص من طرفهم بالتعامل معك.

  • قيمة العلامة التجارية ليست مادية فقط

شعورك بقيمة أي شخص أو شيء لا يرتبط بالضرورة بأمور مادية أو أخرى ملموسة، وإنما قد يتولد بشكل أساسي نتيجة ارتباطك نفسيًا أو عاطفيًا بهذا الشخص أو الشيء. لذا، فإن حرصك على ربط العملاء بعلامتك التجارية من الأمور المهمة التي تساعدك على بناء قيمة العلامة التجارية الخاصة بك بشكل سريع. يمكنك فعل ذلك من خلال التواصل مع العملاء كل فترة لتهنئتهم في المناسبات العامة والخاصة.

أو من خلال تشجيعهم على الاشتراك بصفحات علامتك التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحثهم على المشاركة والتفاعل عليها. في هذه المرحلة، يفضل الاستعانة بمسوّق أو متخصص وسائل تواصل اجتماعي محترف عبر مستقل، لإدارة حساباتك الاجتماعية ومساعدتك على تعزيز قيمة العلامة التجارية الخاصة بك بفعالية.

  • ارسم صورة جيدة لعلامتك التجارية

تعتمد قيمة العلامة التجارية بشكل كبير على صورتها في أذهان الجمهور، لذا احرص جيدًا على مصداقيتك والوفاء بوعودك مهما كلفك الأمر من مال أو جهد. شعور العملاء بعدم مصداقيتك في موقف واحد فقط قد يجعلهم لا يثقون بك للأبد، حتى لو صدقت معهم في الكثير من المواقف في وقتٍ سابق أو لاحق.

يجب عليك أيضًا متابعة ما يقال عنك في مواقع التواصل الاجتماعي بقدر المستطاع، لتستطيع هدم أي انتقادات موجهة لك في الوقت المناسب، أو ترسيخ كل جيد يُقال في حقك. كما يجدر الإشارة هنا إلى أن تقديم أي شيء مفيد ولو بسيط للمجتمع الذي يتركز فيه معظم عملائك، يُعد من الأساليب المجدية في سياق تعزيز قيمة العلامة التجارية وتحسين صورتها. حيث يجعل العملاء يحترمون علامتك بشكل أكبر وينظرون إليها على أنها كيان مهم بالنسبة لهم.

  • اجعل تجربة العميل مميزة

اجتهد كل الاجتهاد حتى تجعل تجربة العملاء معك توصف بالرائعة، ذلك من خلال تقديم تجربة مميزة لهم أثناء تواصلهم معك للاستفسار أو طلب الشراء، وكذلك بعد استلامهم لمنتجك وأثناء استخدامهم له، وأيضًا بعد مرور فترة على قيامهم بعملية الشراء.

يمكنك فعل ذلك عن طريق اختيار الموظفين الذين يتعاملون مع العملاء مباشرةً بعناية شديدة، ودعوة العملاء إلى تقييم تجربتهم مع كل موظف فور الانتهاء من التواصل معه وربط الحوافز بتلك التقييمات. من المهم أيضًا قيامك بالتواصل مع العميل بعد تسليمه المنتج مباشرةً للتأكد من عدم مواجهته أي مشكلة والتحقق من شعوره بالرضا. هذا التواصل الاستباقي يجعل العميل يتيقن بشكل كامل من مدى حرصك على عملائك واحترامك لهم، ما يجعله يراك دائمًا بأفضل صورة.

استراتيجيات تساعدك في بناء سمعة الشركة
استغلال التسويق العصبي لزيادة مبيعاتك

Leave a Comment