تطرح المقالات المنتشرة بشكل مستمر حلولًا جديدة للإنتاجيّة -أو نفس الحل بقالب جديد-. وبالرغم من قراءة كلّ المقالات لا نستطيع التخلص من بعض العادات السيئة. جزء من التحدّي يكمن في الوقت اللازم لبناء عادة جديدة ترفع الإنتاجيّة.
لكن يكمن جزء كبير من المشكلة بكون العديد من النصائح الموجودة غير مفيدة وحتّى مضرّة للإنتاجيّة. هنا سنعرض لك بعضًا من الخرافات المنتشرة الّتي لا تفيد وإنّما قد تجعلك تضلّ عن الطريق.
ولأنّ الهدف هو إفادتك، قام فريق عمل Doist.com بدائل لتلك الخرافات لتبقى بكامل إنتاجيّتك – وصحّتك العقليّة!
الخرافة الأولى: قلد عادات الناجحين
تثرثر العديد من المقالات حول الروتين اليوميّ للأشخاص الناجحين وعن أهمية الاقتداء بما يفعلون. على سبيل المثال: ستيف جوبز يأكل مرّتين في الأسبوع فحسب، سيغموند فرويد كان يشذّب لحيّته يوميًّا، أوبرا وينفري لا تفوّت اجتماعًا أبدًا، تيم كوك يستيقظ يوميًّا عند الساعة 3:45 صباحًا (حقًّا؟!)، والكثير غير ذلك. في الحقيقة فإنّ قيمة تقليد الناجحين مبالغ فيها وهي في الحقيقة خاطئة للعديد من الأسباب.
أولًا فعاليّة ذلك مشكوك بها إحصائيًّا (من غير المرجّح أن تؤدي نفس الأفعال إلى حدوث نفس النتائج كلّ مرّة).
يقول عالم النفس أديتيا شوكلا Aditya Shukla على مدوّنته Cognition Today: “بعض الأشخاص ينجحون مع بعض العادات الإنتاجيّة، مقابل ذلك العديد من الأشخاص غير ناجحين مع نفس العادات”.
قد يُعاق عمل الأشخاص الناجحين عند اتّخاذهم قدوة.
أيضًا اتّخاذ نجاح بعض الأشخاص كقاعدة للعمل على أساسها ينشر فكرة أنّهم يؤدّون أقصى أداء طوال الوقت. لكن فلنأخذ بنجامين فرانكلين مثالاً، فهو معروف بخلقه متطلّبات عمل عالية ووضع أهداف لنفسه وقد يكون مبتكر فكرة قائمة المهام.” لم يكن فرانكلين قادرًا على تنظيم أوراقه ومقتنياته ووجد المجهود مضنيًا لدرجةٍ كادت أن توصله إلى الاستقالة.” وذلك حسب مايسون كوري Mason Currey كاتب مقالة طقوس يوميّة: كيف يعمل الفنّانون. “أيضًا عَنَت متطلّبات عمله في الطباعة عدم اتّباعه الدائم لنفس المخطّط اليوميّ الّذي وضعه لنفسه”.
قد يُعاق عمل الأشخاص الناجحين عند اتّخاذهم قدوة. تقول مدرّبة الصحّة كيسي فون إدرشتاين Casey von Iderstein على موقع Thrive Global: “من السهل نسيان امتلاكهم عقباتهم وتحدياتهم الخاصّة بهم. نرى حياتهم على أنّها مثاليّة وبعيدة المنال.”
البديل: اعتبر الأشخاص الناجحين كملهمين لك وليس كقدوة خذ الإلهام من الأشخاص المعجب بهم، اختبر أفكارهم في الإنتاجيّة، قلّد الأفكار الّتي تساعدك على العمل عملًا أفضل – وتخلّص من الباقي.
تقول كيسي أيضًا: “عندما نرى شخصًا استطاع خلق حياة جاذبة لنا فمن المهم رؤيتهم كبشرٍ ملهمين (وهذا يختلف عن اتّخاذهم قدوة). لأنَ رؤيتنا للأمور من هذا المنظور يعطينا فكرةً أفضل عن الصورة الكاملة.”
الخرافة الثانية: استغل كل لحظة من يومك
أحد أشيع الخرافات فكرة أنّ العمل الجيّد يعتمد على استغلالك لكلّ لحظة من يومك لإنجاز أكبر قدر ممكن في أقل وقت ممكن –وهي منتشرة انتشارًا هائلًا لدرجة أنّ البعض يعتبرها تعريفًا للإنتاجيّة بحدّ ذاتها-.
_ يمكن للتركيز على استغلال كامل الوقت أن يقلّص من الإبداع._
في الحقيقة محاولة التحوّل لآلة إنتاج مستمرّة غير متوافقة مع الطبيعة البشريّة. تبعًا لخبير ” العمل العميق” كال نيوبورت Cal Newport وباحثين آخرين يمتلك الشخص الطبيعيّ بين الثلاث والأربع ساعات من الإنتاجيّة يوميًّا.
يقول آدم غرانت Adam Grant “استمراريّة الإنتاج لا تدور حول إدارة الوقت” –وهو عالم نفس مختصّ بالمنظّمات لدى جامعة وارتون Wharton-. ” لدينا عدد محدود من الساعات الّتي يمكننا استغلالها يوميًّا بشكل فعّال. التركيز على إدارة الوقت لا يجعلنا سوى أكثر إدراكًا لعدد هذه الساعات.”
في الحقيقة يمكن للتركيز على استغلال كامل الوقت أن يقلّص من الإبداع كم يقول غرانت: “الإنتاجيّة والإبداعيّة يتطلّبان آليّات إدارة انتباه متعاكسة. تتغذّى الإنتاجيّة على زيادة تصفية الانتباه للابتعاد قدر الإمكان عن المشتّتات. في حين أنّ الإبداع يتغذّى على تقليل التصفية للسماح للمزيد من الأفكار بالدخول.”
تبيّن أنّ الطاقة الإبداعيّة معقّد جدًّا بوجود العديد من العناصر المتناقضة المتعلّقة به وذلك تبعًا لعالم النفس Mihaly Csikszentmihalyi.
يقول كذلك أنّ المبدعين “يرتاحون عادةً وينامون كثيرًا. المهمّ تحكّمهم بطاقتهم وهي ليست متعلّقة برزنامة أو بجدول زمنيّ. يستطيعون رفع تركيزهم لأقصى حدّ عند اللزوم، وفي باقي الأوقات يقومون بإعادة شحن بطّاريّاتهم.”
البديل: تعرّف وركّز على ساعات إنتاجيّتك الممكنة في اليوم. ركّز طاقتك على إنتاجيّتك في الساعات الّتي تكون فيها بقمّة تركيزك. استنتج متى تكون في قمّة إنتاجيّتك واستخدم وسائل مثل Eat The Frog أو Time Blocking لأداء أعمالك الأهمّ. خارج ساعات العمل تأكّد من أخذ وقتك الكافي للراحة والنوم.
الخرافة الثالثة: حدد أهدافًا عالية
من منظور بعض كتّاب التنمية الذاتيّة المنادين بشعارات عِش أفضل حياة ممكنة واصعد أعلى الجبال يبدو لك أنّ من يحدّد لذاته الأهداف الأبعد سينجح أكثر.
لكن إن حدّدت لنفسك أهدافًا عالية -مثل التسجيل في ماراثون لتدفع نفسك لممارسة المزيد من الرياضة، أو قرار كتابة رواية جديدة لتدفع نفسك للمزيد من الكتابة- ستجد نفسك مغمورًا بهذا الهدف بسرعة ما قد يؤدي لنتائج عكسيّة. ويمكن حتّى أن تجعلك تنفر ممّا أردت تحفيزه في ذاتك (الكتابة – الرياضة) على المدى الطويل.
هذا ما وجدته مجموعة من الدراسات في جامعة شيكاغو Chicago University ومدرسة كوريا للأعمال Korea Business School. يترافق التركيز الشديد على الأهداف مع الاستسلام المبكّر في أغلب النشاطات الممتدّة من الجري والأوريغامي وصولًا إلى تنظيف الأسنان واليوغا-.
قارن الباحثون في إحدى الدراسات مجموعتين من الطلّاب. طُلب من الأولى أن تعتبر تمرينها بهدف خسارة الوزن، ومن الثانية أن تفكّر في التمرين كتجربة. ثمّ سُئلوا كيف ينوون التمرّن. المجموعة الّتي طُلب منها اعتبار هدف التمرين خسارة الوزن قالت أنّها ستتمرّن على جهاز الجري لمدّة أطول. لكنّ العكس حصل؛ حيث أنّ المجموعة الثانية تمرّنت أطول (43 دقيقة مقابل 34 دقيقة للمجموعة الثانية).
من الأفضل البدء بمهام سهلة للوصول لعادات إنتاجيّة مستديمة.
تختصر 99u الدراسة بقولها: “يشتّتنا التركيز الدائم على الأهداف عن المتعة الممكنة من الأنشطة الّتي توصلنا لهذه الأهداف”.
البديل: ابدأ “بأتفه” العادات وأصغرها، وحافظ عليها. من الأفضل البدء بمهام سهلة للوصول لعادات إنتاجيّة مستديمة. يقول عالم النفس نيك فينغال Nick Wingall: “يفقد العديد زخمهم بسرعة، يتثبّطون ويتخلّون عن أهدافهم باكرًا بسبب اندفاعهم و(قضمهم ما لا يمكنهم مضغه)”.
ينصح فينغال “بالبدء بالتافه والصغير”. ضع ما تظنّه جدولًا ملائمًا ثمّ اختصره قليلًا. على سبيل المثال إن كان هدفك كتابة روايةٍ، ابدأ بالقول أنّك ستلتزم بالكتابة ساعةً يوميًّا، ثمّ خفّض ذلك إلى 500 كلمة يوميًّا، ثمّ 500 كلمة يوميّا عدا العطل، ثمّ استقرّ على 300 كلمة في اليوم عدا العطل.
فعليًّا، كلّما صَغُرت المهام كلّما استطعت خلق روتين يمكّنك من الالتزام بها. في النهاية ستتجمّع كل هذه المهام الصغيرة لتخلق عملًا كبيرًا، مثل تلك الرواية.
الخرافة الرابعة: حسّن ما تستخدمه من تطبيقات وأنظمة
تعديل التطبيقات والأنظمة الّتي نستخدمها يشعرنا بالإنجاز. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ “ما” يدير تلك التطبيقات والأنظمة لا يخدم فعليًّا أهدافنا المرجوّة.
من الرائع إيجاد التطبيق أو النظام المثاليّ لك لكنّ الاعتماد المفرط عليهم قد يستهلك حياتك بأكملها. خاصّةً عندما يكمن التركيز على الكميّة (تحقيق أكبر قدر ممكن من المهام على قائمتك) وليس النوعيّة (التركيز على المهام الّتي تملك الأثر الأكبر على وصولك لمبتغاك)؛ وذلك وفقًا لما يقوله دان أريلي Dan Ariely وهو عالم نفس وأستاذ الاقتصاد السلوكيّ في جامعة دوك (Duke University).
خذ على سبيل المثال مبدأ “صندوق الوارد الخالي”. عندما يكون هدفك أن تنهي كلّ يوم بدون أيّ رسائل غير مقروءة في صندوق الوارد، ستمضي وقتك في ترتيب بريدك وتفقدّه باستمرار. وكلّ هذا سيؤدي إلى صندوق وارد خالي وهو ما لا يساهم بأيّة حال في تحقيق أيٍّ من أهدافك. بل قد يكون هذا مجرّد مضيعةٍ للوقت، فكما تقول دراسة نشرتها IBM: الأشخاص الّذين يفرزون بريدهم الإلكتروني في مجلّدات منفصلة لا يصبحون أسرع في الوصول للبريد الّذي يرغبونه.
استخدم أقلّ قدر ممكن من التطبيقات والأنظمة ولا تقلق نفسك حول اللحاق بكافّة البرامج الجديدة.
تصبح نتائج اللحاق بالتطبيقات الأحدث سلبية بعد مرحلة ما. حصر أنفسنا بهذه التطبيقات والأنظمة قد يوصل للإدمان. وهي تُلهينا عن العمل الحقيقيّ الأهمّ الّذي -في الحقيقة- سيجلب لنا سعادةً أكبر.
البديل: كن انتقائيًّا فيما تستخدمه من أنظمة وتطبيقات. حدّد أولويّاتك ثم استخدم تطبيقك أو نظامك المفضّل لتقسيم أولويّاتك وتحقيقها. استخدم أقلّ قدر ممكن من التطبيقات والأنظمة ولا تقلق نفسك حول اللحاق بكافّة البرامج الجديدة. اختر التطبيقات بناءً على مدى مساعدتها لتحقيق أهدافك وليس على شعورك بأنه يجب عليك استخدامها.
الخرافة الخامسة: استخدم المكافآت
تروّج الثقافة الأمريكيّة بشدّة لفكرة تحفيز الأشخاص بقوّة عبر الجوائز الخارجيّة كالمال والألقاب. لكن القصص دائمًا تخبرنا بأنّ البطل في النهاية لا يجد سعادته في المال والسلطة الّتي تمنّاها.
نميل عوضًا عن ذلك لاستخلاص أكثر مخازن إنتاجيّتنا استدامةً عبر “التحفيز الجوهريّ”.
وفقًا لدراسة أُجريت عام 2013 على ما يقارب 3,500 طالب مدرسة ألمانيّ: فإنّ المحفَّزين لحصد درّجات عالية عملوا بشكل أكبر وحصلوا على نتائج أفضل على المدى القريب. أمّا الّذين عملوا بجهد بسبب اهتمامهم بذلك ورغبتهم بالتمكّن من هذه المواد فقد حصلوا على نتائج أفضل على المدى البعيد.
من المثير للاهتمام أنّ استخدام المكافآت الخارجيّة مثل العلاوات والحوافز يمكن أن يقلل من قيمة الحوافز الداخليّة الممكنة في المهمّة. إن قدّمت مكافأة خارجيّة لشخص مهتمّ أصلًا بالمشروع، فستستبدل هذه المكافأة أيّ حافز داخليّ كان موجودًا لديه. تُعرف هذه الظاهرة باسم ” نظريّة الحشد التحفيزيّ”. وحتّى لو زال الحافز الخارجيّ سيجد الشخص صعوبةً في استرجاع حافزهم الأصليّ الّذي بدأوا معه.
البديل: احصد الحوافز الداخليّة. ركّز على حصد حوافزك الداخليّة. أولًّا خذ وقتك لتعدّد أهمّ القيم لديك. هذا سيساعدك على ترتيب أولويّاتك وفهم المهارات الّتي تحتاجها أكثر في عملك.
بعد ذلك ركّز على المسار بدًا من النتيجة. إن كنت تكتب روايةً على سبيل المثال، يمكنك تقسيم وقتك إلى كتل أو صنع قائمة مهام تتضمّن بنودًا توفّر لك الوقت. سيدعك هذا تهدف للكتابة الحقيقيّة ضمن إطار زمنيٍّ معيّن بدلًا من كون هدفك مهتمًّا بالنتيجة فحسب كإنهائك روايةً أو حتّى فصلًا.
كما يقول الكاتب والفنّان Austin Kleon ركّز على الفعل وليس على الاسم:
“الكثير من الناس تريد الاسم بدون الفعل. يريدون المنصب دون العمل.. القيام بالفعل سيأخذك لمكانٍ أبعد وأكثر إثارةً بكثير من انتظارك للاسم.”
الخرافة السادسة: قوة الإرادة محدودة
موضوع قوّة الإرادة هو من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في علم النفس. عرّفت نظريّة “نضوب الأنا” –للعديد من السنوات- الحكمة التقليديّة بقولها أنّ ممارسة قوّة الإرادة ومقاومة الإغراءات (أخذ قيلولة، تصفّح الإنترنت، أخذ استراحة طعام، إلخ) هي مهمّة متطلّبة وتقلّل من الأداء.
لكن هذه النظريّة يتمّ الشكّ في صحّتها حديثًا بسبب عدم القدرة على إثبات صحّة نتائجها. يقترح الباحثون الحاليّون إمكانيّة تنوّع قوّة الإرادة وكونها مبنيّة على السياق والثقافة. على سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات خلال مقارنتها 400 شخص من الهند مع 450 من الولايات المتّحدة أنّ الأمريكيّين واجهوا صعوبةً أكبر في التحكّم بالذات من نظرائهم الهنود.
إحدى الباحثات فيرونيكا جوب Veronica Job تقول: “المجهود اليوميّ للتحكّم بالذات هو جزء من الفلسفة التقليديّة في السياق الشرق آسيويّ”. كما تشرح أن “نضوب الأنا يعتمد على آثار الثقافة والسياق”.
وجد بحث متعلّق أجرته فيرونيكا برفقة كارول دويك Carol Dweck وجورج والتون George Walton أنّ المشاركين المؤمنين بأنّ قوّة الإرادة غير محدودة أظهروا علامات أقل “لنضوب الأنا” بالمقارنة مع المشاركين الّذين يرون بأنّها محدودة. حتّى مؤسس نظريّة “نضوب الأنا” روي باومايستر نشر ورقةً بحثيّةً يقول فيها أنّ “الحافز والمعتقدات الشخصيّة والموارد المحدودة” عوامل متغيّرة تؤثر على قوّة الإرادة.
كما يقول الباحثان مايكل إنزليخت Michael Inzlicht وبراندون شمايكل Brandon J. Schmeichel -اللّذان حاولا تأكيد نظرية باومايستر ولم يتمكّنا من ذلك- “(نضوب الأنا) ليست نتيجة غامضة بفقدان موارد التحكّم بالذات بل هي نتيجة تغيّرات في الدوافع والانتباه والمشاعر”.
البديل: ابنِ قوّة الإرادة لديك مع مرور الوقت عبر التعزيز الإيجابيّ وتطوير العادات. يساعد تطوير العادات أو الطقوس الصغيرة على بناء قوّة الإرادة مع مرور الوقت. عندما يصبح أمر ما عادةً فلا يعود يتطلّب أيّ قوّة إرادة.
قد يساعدك أيضًا التعزيز الإيجابي حسب دراسة أُجريت عام 2009. حاول قول أو كتابة تعزيز إيجابيّ لنفسك، أو انتبه لأفكارك السلبيّة وحاول عكسها. قد يبدو الأمر مبتذلًا بعض الشيء لكنّه مفيد حقًّا.
على الرغم من مطاوعة قوّة الإرادة لنا فيجب ألّا نفرط في العمل على حساب الراحة. أخذ فترات استراحة وتوفير وقت للعب سيعلّمك أن تحبّ عاداتك لتتمكّن من الالتزام بها.
الخرافة السابعة: تخيل وصولك لهدفك
مخيّلتك هي كلّ ما يفصلك عن هدفك، أليس كذلك؟ إن استطعت تخيّل نفسك محقّقًا هدفك (رابحًا للماراثون، منجزًا لروايتك، موقّعًا للعقد الّذي تحلم به) فسوف تحقّقه فعلًا. تبدو أساليب التخيّل مثل الكتاب الشهير “السرّ” أنّها يجب أن تعمل. لكنّها نادرًا ما تفعل.
التخيّل لا يلهمنا للقفز عاليًا بل يجعلنا أكثر قناعةً.
وفقًا للورقة البحثيّة ذات العنوان “التخيّلات الإيجابيّة عن المستقبل المثاليّ تمتصّ طاقاتنا”، فإنّ التخيّل لا يلهمنا للقفز عاليًا بل يجعلنا أكثر قناعةً.
يقول المؤلفون أيضًا: “أحد أسباب كون التخيّلات الإيجابيّة تفضي لإنجازات أقلّ هو أنّها لا تولّد الطاقة اللازمة للحاق بالمستقبل المرغوب”.
كما يصبح الأشخاص هشّين أكثر للعقبات؛ لأنّه في تخيّلاتنا كلّ شيء يسير على ما يرام.
البديل: استخدم خيالك بشكلٍ واقعيّ. مؤلفو الورقة الأخيرة نصحوا بتجربة “التخيّل النقديّ”. هنا تتخيّل “عقبات حقيقيّة وعواملة واقعيّة” وذلك حسب الخلاصة الّتي نشرها دافيد ديسالفو David DiSalvo في مجلّة Forbes. على سبيل المثال يمكنك تخيّل ما سيحدث إن لم تحصل على الوظيفة الّتي تحلم بها أو تأجلت مخطّطات سفرك. يساعدك فعل هذا على تخفيف الارتباط مع نتيجة محدّدة لعملك وجعل الرحلة أكثر واقعيّة وقابليّة للتطبيق.
الخرافة الثامنة: ابقَ مشغولًا
نشتكي جميعًا من انشغالنا ولكنَنا نستمرّ في تحميل أنفسنا أكثر من اللازم. بعض هذا يرجع لثقافة العمل الحديثة.
تتعلّق أيضًا باعتقادنا بأنّنا سننتج أكثر إن ربطنا أنفسنا بعمل أكثر. خذ مثالًا الكاتب وطالب الماجستير في الاتّصالات Lauren McGoodwin الّذي يسكن في لوس أنجيلوس ويقول في حسابه:
في المرّات النادرة الّتي سمحت لنفسها بالتفكير في ذلك. أقرّت أنّها تستهلك نفسها بملء جدول مواعيدها وقائمة مهامها بالكامل وتنفيذ كلّ ما كتبته. قد تكون القائمة الطويلة مصدرًا للقلق وقد تقودها للإرهاق. لكن ما البديل: قائمة بها القليل أو لا شيء أبدًا؟ هذا لا يبدو صحيحًا.
تُظهر دراسة من جامعة كولومبيا Columbia University بعض الأدلّة على أن الأشخاص الأكثر انشغالًا ينتجون أكثر بسبب “اعتقادهم بأنّهم يستغلون وقتهم بشكل أمثل”. على الرغم من ذلك يؤدّي الانشغال عادةً إلى اختلاط الأولويّات.
هنا بعض الفوارق الرئيسيّة بين الانشغال والإنتاج وفق مجلّة طلّاب علم النفس الأوروبيّة Journal of European Psychology Students:
- أهداف “غير محدّدة بشكل جيّد” مقابل أهداف “واضحة”.
- “امتلاك أولويّات متعدّدة والقيام بعدّة مهمّات في آنٍ واحد” مقابل “امتلاك أولويّات واضحة والتركيز على مهمّة واحدة”.
- “الموافق على كل شيء (الموافقة القهريّة)” مقابل “الرفض بعض الأحيان (الموافقة المستنيرة)”.
- “الاستجابة الفوريّة للمهمّة الجديدة” مقابل “الجدولة الزمنيّة الملائمة”.
البديل: جرّب هذه الآليّات لتتجنّب فخ الانشغال.
- ركّز على إنجاز ثلاث مهام ضروريّة كلّ يوم (كما يقترح دان سوليفان Dan Sullivan).
- كرّس ساعة بعيدًا عن الأدوات الإلكترونيّة (كما يقترح أستاذ الإدارة في Harvard Business School توماس ديلونغ Thomas J. DeLong .
- تعرّف على “انحيازك للعمل” وإدراك عدم حاجتك للعمل طوال الوقت (كما يقول عالم نفس الأعمال توني كراب Tony Crabbe.
- قُل لا لما لا يساهم في تحقيق أهدافك.
- امتلك طقسًا صباحيًّا يمكّنك من تأمّل كيف ستنظّم يومك لتساهم في تحقيق ما تسعى إليه.
الخرافة التاسعة: النظام الثابت سيبقيك منتجًا
نتصوّر دائمًا الأشخاص الناجحين على أنّهم يستيقظون باكرًا ويشربون خليط البروتين ويكتسحون قائمة مهامّهم قبل أن يستيقظ الآخرون حتّى. ولربّما هناك حقًّا بعض الأشخاص كذلك. لكن هنالك سبب لم أغلبنا يعاني مع الأنظمة القاسية كهذه.
يقول وينغال في مدوّنته: “خلال عمليّ في علم النفس واجهت باستمرار بعض الآثار الجانبيّة الّتي تقلّل من الإنتاجيّة الناجمة عن عقليّات الإنتاج الحازمة. أحد أشيعها كان انتقاد الذات”.
يضيف وينغال: “رغم التحفيز السطحيّ الّذي قد يراه الناس في انتقاد الذات على المدى القصير؛ إلّا أنّه يميل لإخفاء آثار معيقة للإنتاجيّة على المدى الطويل بفضل القلق والاكتئاب الّذي يؤدّي إليهما”.
نقد الذات الّذي يسبّب القلق والاكتئاب يميل لأن يشعرنا بأنّنا أصغر. الإنتاجيّة تنبع من إحساسنا بالخفّة والانفتاح وليس الانغلاق.
عوضًا عن أن تقسو على ذاتك عندما لا تلاقي توقّعاتك. كُن داعمًا لنفسك دعمًا أكبر وافهم التحدّيات الّتي تواجهك.
البديل: جرّب الكلام الإيجابيّ مع نفسك
يقترح وينغال تغيير الطريقة الّتي تتحدث بها مع نفسك عندما تحاول تحفيز نفسك لفعل شيء. عوضًا عن أن تقسو على ذاتك عندما لا تلاقي توقّعاتك (“أنا غير منضبط في الأمور الماليّة”). كُن داعمًا لنفسك دعمًا أكبر وافهم التحدّيات الّتي تواجهك (“سأسجل دائمًا كل مصاريفيّ على الرغم من أنّه أمر غير محبّب لي وأنا أكثر انضباطًا في نواحٍ أخرى من حياتي”).
المشكلة مع خرافات الإنتاجيّة أنّها تجعلك تشعر بالفشل إن لم تكن ملتزمًا بها. فهي تروّج الإنتاجيّة لغرض الإنتاجيّة فحسب عوضًا عن جعلك تهدف لتحقيق شيء تهتمّ به فعلًا. هذا سبب تركيز العديد من “البدائل” المطروحة على استمتاعك في عملك أكثر وتحدّي ذاتك أثناء تحقيقك لتوقّعاتك. فلا تشعر بأنّك فشلت عندها وتابع خطواتك.
تطرح المقالات المنتشرة بشكل مستمر حلولًا جديدة للإنتاجيّة -أو نفس الحل بقالب جديد-. وبالرغم من قراءة كلّ المقالات لا نستطيع التخلص من بعض العادات السيئة. جزء من التحدّي يكمن في الوقت اللازم لبناء عادة جديدة ترفع الإنتاجيّة.
لكن يكمن جزء كبير من المشكلة بكون العديد من النصائح الموجودة غير مفيدة وحتّى مضرّة للإنتاجيّة. هنا سنعرض لك بعضًا من الخرافات المنتشرة الّتي لا تفيد وإنّما قد تجعلك تضلّ عن الطريق.
ولأنّ الهدف هو إفادتك، قام فريق عمل Doist.com بدائل لتلك الخرافات لتبقى بكامل إنتاجيّتك – وصحّتك العقليّة!
الخرافة الأولى: قلد عادات الناجحين
تثرثر العديد من المقالات حول الروتين اليوميّ للأشخاص الناجحين وعن أهمية الاقتداء بما يفعلون. على سبيل المثال: ستيف جوبز يأكل مرّتين في الأسبوع فحسب، سيغموند فرويد كان يشذّب لحيّته يوميًّا، أوبرا وينفري لا تفوّت اجتماعًا أبدًا، تيم كوك يستيقظ يوميًّا عند الساعة 3:45 صباحًا (حقًّا؟!)، والكثير غير ذلك. في الحقيقة فإنّ قيمة تقليد الناجحين مبالغ فيها وهي في الحقيقة خاطئة للعديد من الأسباب.
أولًا فعاليّة ذلك مشكوك بها إحصائيًّا (من غير المرجّح أن تؤدي نفس الأفعال إلى حدوث نفس النتائج كلّ مرّة).
يقول عالم النفس أديتيا شوكلا Aditya Shukla على مدوّنته Cognition Today: “بعض الأشخاص ينجحون مع بعض العادات الإنتاجيّة، مقابل ذلك العديد من الأشخاص غير ناجحين مع نفس العادات”.
أيضًا اتّخاذ نجاح بعض الأشخاص كقاعدة للعمل على أساسها ينشر فكرة أنّهم يؤدّون أقصى أداء طوال الوقت. لكن فلنأخذ بنجامين فرانكلين مثالاً، فهو معروف بخلقه متطلّبات عمل عالية ووضع أهداف لنفسه وقد يكون مبتكر فكرة قائمة المهام.” لم يكن فرانكلين قادرًا على تنظيم أوراقه ومقتنياته ووجد المجهود مضنيًا لدرجةٍ كادت أن توصله إلى الاستقالة.” وذلك حسب مايسون كوري Mason Currey كاتب مقالة طقوس يوميّة: كيف يعمل الفنّانون. “أيضًا عَنَت متطلّبات عمله في الطباعة عدم اتّباعه الدائم لنفس المخطّط اليوميّ الّذي وضعه لنفسه”.
قد يُعاق عمل الأشخاص الناجحين عند اتّخاذهم قدوة. تقول مدرّبة الصحّة كيسي فون إدرشتاين Casey von Iderstein على موقع Thrive Global: “من السهل نسيان امتلاكهم عقباتهم وتحدياتهم الخاصّة بهم. نرى حياتهم على أنّها مثاليّة وبعيدة المنال.”
البديل: اعتبر الأشخاص الناجحين كملهمين لك وليس كقدوة خذ الإلهام من الأشخاص المعجب بهم، اختبر أفكارهم في الإنتاجيّة، قلّد الأفكار الّتي تساعدك على العمل عملًا أفضل – وتخلّص من الباقي.
تقول كيسي أيضًا: “عندما نرى شخصًا استطاع خلق حياة جاذبة لنا فمن المهم رؤيتهم كبشرٍ ملهمين (وهذا يختلف عن اتّخاذهم قدوة). لأنَ رؤيتنا للأمور من هذا المنظور يعطينا فكرةً أفضل عن الصورة الكاملة.”
الخرافة الثانية: استغل كل لحظة من يومك
أحد أشيع الخرافات فكرة أنّ العمل الجيّد يعتمد على استغلالك لكلّ لحظة من يومك لإنجاز أكبر قدر ممكن في أقل وقت ممكن –وهي منتشرة انتشارًا هائلًا لدرجة أنّ البعض يعتبرها تعريفًا للإنتاجيّة بحدّ ذاتها-.
في الحقيقة محاولة التحوّل لآلة إنتاج مستمرّة غير متوافقة مع الطبيعة البشريّة. تبعًا لخبير ” العمل العميق” كال نيوبورت Cal Newport وباحثين آخرين يمتلك الشخص الطبيعيّ بين الثلاث والأربع ساعات من الإنتاجيّة يوميًّا.
يقول آدم غرانت Adam Grant “استمراريّة الإنتاج لا تدور حول إدارة الوقت” –وهو عالم نفس مختصّ بالمنظّمات لدى جامعة وارتون Wharton-. ” لدينا عدد محدود من الساعات الّتي يمكننا استغلالها يوميًّا بشكل فعّال. التركيز على إدارة الوقت لا يجعلنا سوى أكثر إدراكًا لعدد هذه الساعات.”
في الحقيقة يمكن للتركيز على استغلال كامل الوقت أن يقلّص من الإبداع كم يقول غرانت: “الإنتاجيّة والإبداعيّة يتطلّبان آليّات إدارة انتباه متعاكسة. تتغذّى الإنتاجيّة على زيادة تصفية الانتباه للابتعاد قدر الإمكان عن المشتّتات. في حين أنّ الإبداع يتغذّى على تقليل التصفية للسماح للمزيد من الأفكار بالدخول.”
تبيّن أنّ الطاقة الإبداعيّة معقّد جدًّا بوجود العديد من العناصر المتناقضة المتعلّقة به وذلك تبعًا لعالم النفس Mihaly Csikszentmihalyi.
يقول كذلك أنّ المبدعين “يرتاحون عادةً وينامون كثيرًا. المهمّ تحكّمهم بطاقتهم وهي ليست متعلّقة برزنامة أو بجدول زمنيّ. يستطيعون رفع تركيزهم لأقصى حدّ عند اللزوم، وفي باقي الأوقات يقومون بإعادة شحن بطّاريّاتهم.”
البديل: تعرّف وركّز على ساعات إنتاجيّتك الممكنة في اليوم. ركّز طاقتك على إنتاجيّتك في الساعات الّتي تكون فيها بقمّة تركيزك. استنتج متى تكون في قمّة إنتاجيّتك واستخدم وسائل مثل Eat The Frog أو Time Blocking لأداء أعمالك الأهمّ. خارج ساعات العمل تأكّد من أخذ وقتك الكافي للراحة والنوم.
الخرافة الثالثة: حدد أهدافًا عالية
من منظور بعض كتّاب التنمية الذاتيّة المنادين بشعارات عِش أفضل حياة ممكنة واصعد أعلى الجبال يبدو لك أنّ من يحدّد لذاته الأهداف الأبعد سينجح أكثر.
لكن إن حدّدت لنفسك أهدافًا عالية -مثل التسجيل في ماراثون لتدفع نفسك لممارسة المزيد من الرياضة، أو قرار كتابة رواية جديدة لتدفع نفسك للمزيد من الكتابة- ستجد نفسك مغمورًا بهذا الهدف بسرعة ما قد يؤدي لنتائج عكسيّة. ويمكن حتّى أن تجعلك تنفر ممّا أردت تحفيزه في ذاتك (الكتابة – الرياضة) على المدى الطويل.
هذا ما وجدته مجموعة من الدراسات في جامعة شيكاغو Chicago University ومدرسة كوريا للأعمال Korea Business School. يترافق التركيز الشديد على الأهداف مع الاستسلام المبكّر في أغلب النشاطات الممتدّة من الجري والأوريغامي وصولًا إلى تنظيف الأسنان واليوغا-.
قارن الباحثون في إحدى الدراسات مجموعتين من الطلّاب. طُلب من الأولى أن تعتبر تمرينها بهدف خسارة الوزن، ومن الثانية أن تفكّر في التمرين كتجربة. ثمّ سُئلوا كيف ينوون التمرّن. المجموعة الّتي طُلب منها اعتبار هدف التمرين خسارة الوزن قالت أنّها ستتمرّن على جهاز الجري لمدّة أطول. لكنّ العكس حصل؛ حيث أنّ المجموعة الثانية تمرّنت أطول (43 دقيقة مقابل 34 دقيقة للمجموعة الثانية).
تختصر 99u الدراسة بقولها: “يشتّتنا التركيز الدائم على الأهداف عن المتعة الممكنة من الأنشطة الّتي توصلنا لهذه الأهداف”.
البديل: ابدأ “بأتفه” العادات وأصغرها، وحافظ عليها. من الأفضل البدء بمهام سهلة للوصول لعادات إنتاجيّة مستديمة. يقول عالم النفس نيك فينغال Nick Wingall: “يفقد العديد زخمهم بسرعة، يتثبّطون ويتخلّون عن أهدافهم باكرًا بسبب اندفاعهم و(قضمهم ما لا يمكنهم مضغه)”.
ينصح فينغال “بالبدء بالتافه والصغير”. ضع ما تظنّه جدولًا ملائمًا ثمّ اختصره قليلًا. على سبيل المثال إن كان هدفك كتابة روايةٍ، ابدأ بالقول أنّك ستلتزم بالكتابة ساعةً يوميًّا، ثمّ خفّض ذلك إلى 500 كلمة يوميًّا، ثمّ 500 كلمة يوميّا عدا العطل، ثمّ استقرّ على 300 كلمة في اليوم عدا العطل.
فعليًّا، كلّما صَغُرت المهام كلّما استطعت خلق روتين يمكّنك من الالتزام بها. في النهاية ستتجمّع كل هذه المهام الصغيرة لتخلق عملًا كبيرًا، مثل تلك الرواية.
الخرافة الرابعة: حسّن ما تستخدمه من تطبيقات وأنظمة
تعديل التطبيقات والأنظمة الّتي نستخدمها يشعرنا بالإنجاز. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ “ما” يدير تلك التطبيقات والأنظمة لا يخدم فعليًّا أهدافنا المرجوّة.
من الرائع إيجاد التطبيق أو النظام المثاليّ لك لكنّ الاعتماد المفرط عليهم قد يستهلك حياتك بأكملها. خاصّةً عندما يكمن التركيز على الكميّة (تحقيق أكبر قدر ممكن من المهام على قائمتك) وليس النوعيّة (التركيز على المهام الّتي تملك الأثر الأكبر على وصولك لمبتغاك)؛ وذلك وفقًا لما يقوله دان أريلي Dan Ariely وهو عالم نفس وأستاذ الاقتصاد السلوكيّ في جامعة دوك (Duke University).
خذ على سبيل المثال مبدأ “صندوق الوارد الخالي”. عندما يكون هدفك أن تنهي كلّ يوم بدون أيّ رسائل غير مقروءة في صندوق الوارد، ستمضي وقتك في ترتيب بريدك وتفقدّه باستمرار. وكلّ هذا سيؤدي إلى صندوق وارد خالي وهو ما لا يساهم بأيّة حال في تحقيق أيٍّ من أهدافك. بل قد يكون هذا مجرّد مضيعةٍ للوقت، فكما تقول دراسة نشرتها IBM: الأشخاص الّذين يفرزون بريدهم الإلكتروني في مجلّدات منفصلة لا يصبحون أسرع في الوصول للبريد الّذي يرغبونه.
تصبح نتائج اللحاق بالتطبيقات الأحدث سلبية بعد مرحلة ما. حصر أنفسنا بهذه التطبيقات والأنظمة قد يوصل للإدمان. وهي تُلهينا عن العمل الحقيقيّ الأهمّ الّذي -في الحقيقة- سيجلب لنا سعادةً أكبر.
البديل: كن انتقائيًّا فيما تستخدمه من أنظمة وتطبيقات. حدّد أولويّاتك ثم استخدم تطبيقك أو نظامك المفضّل لتقسيم أولويّاتك وتحقيقها. استخدم أقلّ قدر ممكن من التطبيقات والأنظمة ولا تقلق نفسك حول اللحاق بكافّة البرامج الجديدة. اختر التطبيقات بناءً على مدى مساعدتها لتحقيق أهدافك وليس على شعورك بأنه يجب عليك استخدامها.
الخرافة الخامسة: استخدم المكافآت
تروّج الثقافة الأمريكيّة بشدّة لفكرة تحفيز الأشخاص بقوّة عبر الجوائز الخارجيّة كالمال والألقاب. لكن القصص دائمًا تخبرنا بأنّ البطل في النهاية لا يجد سعادته في المال والسلطة الّتي تمنّاها.
نميل عوضًا عن ذلك لاستخلاص أكثر مخازن إنتاجيّتنا استدامةً عبر “التحفيز الجوهريّ”.
وفقًا لدراسة أُجريت عام 2013 على ما يقارب 3,500 طالب مدرسة ألمانيّ: فإنّ المحفَّزين لحصد درّجات عالية عملوا بشكل أكبر وحصلوا على نتائج أفضل على المدى القريب. أمّا الّذين عملوا بجهد بسبب اهتمامهم بذلك ورغبتهم بالتمكّن من هذه المواد فقد حصلوا على نتائج أفضل على المدى البعيد.
من المثير للاهتمام أنّ استخدام المكافآت الخارجيّة مثل العلاوات والحوافز يمكن أن يقلل من قيمة الحوافز الداخليّة الممكنة في المهمّة. إن قدّمت مكافأة خارجيّة لشخص مهتمّ أصلًا بالمشروع، فستستبدل هذه المكافأة أيّ حافز داخليّ كان موجودًا لديه. تُعرف هذه الظاهرة باسم ” نظريّة الحشد التحفيزيّ”. وحتّى لو زال الحافز الخارجيّ سيجد الشخص صعوبةً في استرجاع حافزهم الأصليّ الّذي بدأوا معه.
البديل: احصد الحوافز الداخليّة. ركّز على حصد حوافزك الداخليّة. أولًّا خذ وقتك لتعدّد أهمّ القيم لديك. هذا سيساعدك على ترتيب أولويّاتك وفهم المهارات الّتي تحتاجها أكثر في عملك.
بعد ذلك ركّز على المسار بدًا من النتيجة. إن كنت تكتب روايةً على سبيل المثال، يمكنك تقسيم وقتك إلى كتل أو صنع قائمة مهام تتضمّن بنودًا توفّر لك الوقت. سيدعك هذا تهدف للكتابة الحقيقيّة ضمن إطار زمنيٍّ معيّن بدلًا من كون هدفك مهتمًّا بالنتيجة فحسب كإنهائك روايةً أو حتّى فصلًا.
كما يقول الكاتب والفنّان Austin Kleon ركّز على الفعل وليس على الاسم:
الخرافة السادسة: قوة الإرادة محدودة
موضوع قوّة الإرادة هو من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في علم النفس. عرّفت نظريّة “نضوب الأنا” –للعديد من السنوات- الحكمة التقليديّة بقولها أنّ ممارسة قوّة الإرادة ومقاومة الإغراءات (أخذ قيلولة، تصفّح الإنترنت، أخذ استراحة طعام، إلخ) هي مهمّة متطلّبة وتقلّل من الأداء.
لكن هذه النظريّة يتمّ الشكّ في صحّتها حديثًا بسبب عدم القدرة على إثبات صحّة نتائجها. يقترح الباحثون الحاليّون إمكانيّة تنوّع قوّة الإرادة وكونها مبنيّة على السياق والثقافة. على سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات خلال مقارنتها 400 شخص من الهند مع 450 من الولايات المتّحدة أنّ الأمريكيّين واجهوا صعوبةً أكبر في التحكّم بالذات من نظرائهم الهنود.
إحدى الباحثات فيرونيكا جوب Veronica Job تقول: “المجهود اليوميّ للتحكّم بالذات هو جزء من الفلسفة التقليديّة في السياق الشرق آسيويّ”. كما تشرح أن “نضوب الأنا يعتمد على آثار الثقافة والسياق”.
وجد بحث متعلّق أجرته فيرونيكا برفقة كارول دويك Carol Dweck وجورج والتون George Walton أنّ المشاركين المؤمنين بأنّ قوّة الإرادة غير محدودة أظهروا علامات أقل “لنضوب الأنا” بالمقارنة مع المشاركين الّذين يرون بأنّها محدودة. حتّى مؤسس نظريّة “نضوب الأنا” روي باومايستر نشر ورقةً بحثيّةً يقول فيها أنّ “الحافز والمعتقدات الشخصيّة والموارد المحدودة” عوامل متغيّرة تؤثر على قوّة الإرادة.
كما يقول الباحثان مايكل إنزليخت Michael Inzlicht وبراندون شمايكل Brandon J. Schmeichel -اللّذان حاولا تأكيد نظرية باومايستر ولم يتمكّنا من ذلك- “(نضوب الأنا) ليست نتيجة غامضة بفقدان موارد التحكّم بالذات بل هي نتيجة تغيّرات في الدوافع والانتباه والمشاعر”.
البديل: ابنِ قوّة الإرادة لديك مع مرور الوقت عبر التعزيز الإيجابيّ وتطوير العادات. يساعد تطوير العادات أو الطقوس الصغيرة على بناء قوّة الإرادة مع مرور الوقت. عندما يصبح أمر ما عادةً فلا يعود يتطلّب أيّ قوّة إرادة.
قد يساعدك أيضًا التعزيز الإيجابي حسب دراسة أُجريت عام 2009. حاول قول أو كتابة تعزيز إيجابيّ لنفسك، أو انتبه لأفكارك السلبيّة وحاول عكسها. قد يبدو الأمر مبتذلًا بعض الشيء لكنّه مفيد حقًّا.
على الرغم من مطاوعة قوّة الإرادة لنا فيجب ألّا نفرط في العمل على حساب الراحة. أخذ فترات استراحة وتوفير وقت للعب سيعلّمك أن تحبّ عاداتك لتتمكّن من الالتزام بها.
الخرافة السابعة: تخيل وصولك لهدفك
مخيّلتك هي كلّ ما يفصلك عن هدفك، أليس كذلك؟ إن استطعت تخيّل نفسك محقّقًا هدفك (رابحًا للماراثون، منجزًا لروايتك، موقّعًا للعقد الّذي تحلم به) فسوف تحقّقه فعلًا. تبدو أساليب التخيّل مثل الكتاب الشهير “السرّ” أنّها يجب أن تعمل. لكنّها نادرًا ما تفعل.
وفقًا للورقة البحثيّة ذات العنوان “التخيّلات الإيجابيّة عن المستقبل المثاليّ تمتصّ طاقاتنا”، فإنّ التخيّل لا يلهمنا للقفز عاليًا بل يجعلنا أكثر قناعةً.
يقول المؤلفون أيضًا: “أحد أسباب كون التخيّلات الإيجابيّة تفضي لإنجازات أقلّ هو أنّها لا تولّد الطاقة اللازمة للحاق بالمستقبل المرغوب”.
كما يصبح الأشخاص هشّين أكثر للعقبات؛ لأنّه في تخيّلاتنا كلّ شيء يسير على ما يرام.
البديل: استخدم خيالك بشكلٍ واقعيّ. مؤلفو الورقة الأخيرة نصحوا بتجربة “التخيّل النقديّ”. هنا تتخيّل “عقبات حقيقيّة وعواملة واقعيّة” وذلك حسب الخلاصة الّتي نشرها دافيد ديسالفو David DiSalvo في مجلّة Forbes. على سبيل المثال يمكنك تخيّل ما سيحدث إن لم تحصل على الوظيفة الّتي تحلم بها أو تأجلت مخطّطات سفرك. يساعدك فعل هذا على تخفيف الارتباط مع نتيجة محدّدة لعملك وجعل الرحلة أكثر واقعيّة وقابليّة للتطبيق.
الخرافة الثامنة: ابقَ مشغولًا
نشتكي جميعًا من انشغالنا ولكنَنا نستمرّ في تحميل أنفسنا أكثر من اللازم. بعض هذا يرجع لثقافة العمل الحديثة.
تتعلّق أيضًا باعتقادنا بأنّنا سننتج أكثر إن ربطنا أنفسنا بعمل أكثر. خذ مثالًا الكاتب وطالب الماجستير في الاتّصالات Lauren McGoodwin الّذي يسكن في لوس أنجيلوس ويقول في حسابه:
تُظهر دراسة من جامعة كولومبيا Columbia University بعض الأدلّة على أن الأشخاص الأكثر انشغالًا ينتجون أكثر بسبب “اعتقادهم بأنّهم يستغلون وقتهم بشكل أمثل”. على الرغم من ذلك يؤدّي الانشغال عادةً إلى اختلاط الأولويّات.
هنا بعض الفوارق الرئيسيّة بين الانشغال والإنتاج وفق مجلّة طلّاب علم النفس الأوروبيّة Journal of European Psychology Students:
البديل: جرّب هذه الآليّات لتتجنّب فخ الانشغال.
الخرافة التاسعة: النظام الثابت سيبقيك منتجًا
نتصوّر دائمًا الأشخاص الناجحين على أنّهم يستيقظون باكرًا ويشربون خليط البروتين ويكتسحون قائمة مهامّهم قبل أن يستيقظ الآخرون حتّى. ولربّما هناك حقًّا بعض الأشخاص كذلك. لكن هنالك سبب لم أغلبنا يعاني مع الأنظمة القاسية كهذه.
يقول وينغال في مدوّنته: “خلال عمليّ في علم النفس واجهت باستمرار بعض الآثار الجانبيّة الّتي تقلّل من الإنتاجيّة الناجمة عن عقليّات الإنتاج الحازمة. أحد أشيعها كان انتقاد الذات”.
يضيف وينغال: “رغم التحفيز السطحيّ الّذي قد يراه الناس في انتقاد الذات على المدى القصير؛ إلّا أنّه يميل لإخفاء آثار معيقة للإنتاجيّة على المدى الطويل بفضل القلق والاكتئاب الّذي يؤدّي إليهما”.
نقد الذات الّذي يسبّب القلق والاكتئاب يميل لأن يشعرنا بأنّنا أصغر. الإنتاجيّة تنبع من إحساسنا بالخفّة والانفتاح وليس الانغلاق.
البديل: جرّب الكلام الإيجابيّ مع نفسك
يقترح وينغال تغيير الطريقة الّتي تتحدث بها مع نفسك عندما تحاول تحفيز نفسك لفعل شيء. عوضًا عن أن تقسو على ذاتك عندما لا تلاقي توقّعاتك (“أنا غير منضبط في الأمور الماليّة”). كُن داعمًا لنفسك دعمًا أكبر وافهم التحدّيات الّتي تواجهك (“سأسجل دائمًا كل مصاريفيّ على الرغم من أنّه أمر غير محبّب لي وأنا أكثر انضباطًا في نواحٍ أخرى من حياتي”).
المشكلة مع خرافات الإنتاجيّة أنّها تجعلك تشعر بالفشل إن لم تكن ملتزمًا بها. فهي تروّج الإنتاجيّة لغرض الإنتاجيّة فحسب عوضًا عن جعلك تهدف لتحقيق شيء تهتمّ به فعلًا. هذا سبب تركيز العديد من “البدائل” المطروحة على استمتاعك في عملك أكثر وتحدّي ذاتك أثناء تحقيقك لتوقّعاتك. فلا تشعر بأنّك فشلت عندها وتابع خطواتك.
ذات صلة:
No related posts.
admin