تحديات العمل عن بعد للمديرين

لا يعدو المدير كونه أحد الموظفين في الشركة في الغالب، وعليه ما على الموظف من مسؤوليات والتزامات تجاه الشركة وإن اختلفت، فما يصلح للموظف من نصائح لمواجهة تحديات العمل عن بعد يصلح للمدير أيضًا، مع بعض الفروقات التي يختص بها المدراء لطبيعة عملهم الذي يديرون فيه بقية الموظفين أو يتابعون تحقيق المقاييس المطلوبة منهم، وقد يكون له نسبة في الشركة أو يكون هو مالكها.

وقد يرتاح الموظف لعدم وجود إشراف مباشر من مديره في حين يزداد الضغط على المدير لحاجته إلى متابعة الموظف في عمله، وهو ما تعرضنا له في المقال السابق، آليات الإدارة والتطوير لشركة تعمل عن بعد، وبينا كيفية معالجته بأدوات مراقبة العمل وقياس أداء العاملين، كذلك قد تُسجل الاجتماعات الصوتية بين الموظفين وبعضهم أو بين الموظفين والعملاء، ويتم ذلك في الغالب بداعي مراقبة الجودة أكثر منه لمراجعته ممن لم يتمكن من حضور الاجتماع، بل الأولى أن يحضر الموظف الاجتماع الذي يراد منه حضوره، وذلك أنه قد يستفيد من النقاش الجاري أثناء الاجتماع أكثر من المادة نفسها، فإن كان المطلوب اطلاعًا على مادة مقروءة أو مسموعة فيكفي توفيرها للموظف دون الحاجة إلى تسجيل اجتماع، فتسجيل الاجتماعات المرئية أو الصوتية تشغل مساحة تخزين كبيرة، وتكون مكلفة في حالة الشركات التي تشتريها ضمن حزمة برامج الاجتماعات المرئية.

الطائرة ليست سيارة بأجنحة

عند انتقال الشركة إلى نمط العمل عن بعد أو تأسيس شركة وإدارتها عن بعد، يظن المدير أنه سيديرها أو يدير الفريق المسؤول عنه بنفس طرق الإدارة التقليدية بما أنه عمل مديرًا من قبل على الأرجح، وهو نفس الظن الذي يكون لدى من يظن أن التحليق بالطائرة يشبه قيادة السيارة بما أن الاختلاف الأبرز بينهما هو وجود أجنحة وذيل في الطائرة!

وكما أن الفرق بين هذين كبير للغاية ولا وجه للشبه فيهما إلا أن تشغيلهما يتطلب إنسانًا خلف عجلة القيادة، وأن كليهما يحتوي على إطارات، فإن إدارة الفريق البعيد يتطلب عقلية تختلف عن عقلية الإدارة التقليدية في محل العمل.

ويمكن إسقاط مثال الطائرة والسيارة هنا على كثير من مواقف العمل البعيد للاستفادة منها ولتكون مرجعًا سهل التذكر للمدير، فالشرخ الصغير على زجاج السيارة قد يظل شهورًا دون أن تسوء حالته أو يؤثر على سلامة القيادة، لكن ذلك الشرخ في زجاج قمرة القيادة يعني خطرًا وشيكًا ونهاية كارثية إذا لم يعالج على الفور.

وكذلك لا يحدث شيء في الغالب حين يأخذ الركاب حواسيبهم المحمولة وبطاريات إضافية أيضًا داخل السيارة، لكن هذا له شروط وقواعد عند السفر بالطائرة، تصل إلى حد حظر نقل بعض تلك البطاريات أحيانًا، وقس على ذلك ما شابهها من أمثلة.

التواجد الدائم

كنت أظن أن كوني مديرًا في شركتي أو على فريقي يعني تواجدي الدائم للرد على أي استفسار أو سؤال حتى لو كان تافهًا، ويعزز هذا المقطع الذي انتشر لإيلون ماسك يقول فيه أنه متاح 24/7 لأي أحد في شركته، وكان مكتبه في إحدى شركاته ضمن المكاتب المفتوحة مع الموظفين لتقليل المراحل التي يمر بها الموظف حتى يصل إليه، وكذا كان يفعل مؤسس تويتر الذي كان يتبنى سياسة المكتب المفتوح لتسريع توارد الأفكار ومعالجتها وتطويرها، وذلك كله كان قبل انتشار العمل عن بعد قطعًا.

غير أني وجدت -كما وجد مؤسسو 37Signals في كتبهم التي أشرنا إليها في هذه السلسلة- أن ذلك قد يكون نافعًا في حالات وضارًا في حالات أخرى، فليس عليك كمدير أن ترد على كل رسالة وكل بريد وإشعار وتعليق وملاحظة وغيرها، بل اجعل لنفسك مواعيد عمل محددة واحرص على بيانها للعاملين معك كتابة ولفظًا، خاصة إن كان فريق العمل البعيد الذي لديك أو تريد إنشاءه فيه أفراد من مناطق زمنية مختلفة.

وهذا له فائدتان، الأولى أنك تضبط وقتك وتخصص فيه مدة محددة للرد على تلك الرسائل وإجراء اجتماعات إن لزم الأمر، ويفسح لك وقتًا تصرفه في أعمال الشركة الأخرى الإدارية أو لشخصك خارج العمل.

والثانية أن الموظفين يتعودون على البحث وأخذ زمام الأمر بأنفسهم واستنفاذ الجهد في حل المشكلة التي بين أيديهم، فتتطور مهاراتهم في العمل من ناحية وفي الإدارة من ناحية أخرى، ولا يصل إليك إلا المشاكل التي تحتاج حقًا إلى تدخلك فيها.

الردود الفورية

حين تذهب إلى مكتب أحد الموظفين لتناقشه في أمر ما أو تستدعيه إلى مكتبك، فلن يستغرق هذا أكثر من بضعة دقائق للوصول إلى قرار أو التعمق في تفاصيل أكثر، أما عندما ترسل نفس الأمر في رسالة إليه فقد لا يرد إلا في اليوم الثاني مثلًا، وقد يرسل المدير الرسالة في البريد، ثم يرسل إليه على واتس اب بعدها بدقيقتين يخبره أن يتفقد البريد، ثم يتصل بعدها بعشر دقائق ليسأله هل رأى الرسالة بعد؟

وهذا يقضي على الفائدة التي يمكن تحقيقها من العمل عن بعد، ويسبب توترًا للعاملين يقلل إنتاجهم ويزيد تشتتهم، وعليه ينبغي تخصيص وسائل الاتصال الخاصة بالعمل، وتحديد غرض واضح لكل منها، وفترات سماح للرد على الرسائل البريدية وغيرها كي يتمكن العاملون من إنهاء مهامهم التي بأيديهم قبل النظر في الرسائل، وأن تُخصص قناة للأمور الطارئة التي لا تحتمل التأخير حقًا، كأن تكون على قناة دردشة أو متاح للاتصال الهاتفي، بينما تخصص برامج الاتصال المرئي أو المؤتمرات للاجتماعات المجدولة فقط، وهكذا.

نموذج الإدارة البعيدة

يقودنا هذا إلى نقطة أدوات الإدارة البعيدة نفسها، والتي سيأتي ذكرها عدة مرات في هذا الكتاب، وتكمن أهميتها عند النظر إلى نموذج الإدارة البعيدة كثلاثة تروس:

  • أسلوب الإدارة.
  • الأدوات التقنية والبرمجية التي تستخدمها الإدارة في التواصل مع العاملين.
  • النتيجة النهائية من تطور مهارات العاملين وأثر قرارات الإدارة على منتجات الشركة.

وترتبط تلك التروس الثلاثة ببعضها بحيث يكون ترس الأدوات في المنتصف، فإذا استُخدمت أدوات غير مناسبة فلن يدور الترس الثالث “ترس النتيجة النهائية” والذي هو المراد من تلك العملية كلها.

وحل ذلك هو ما ذكرناه في النقطة السابقة وغيرها، من تخصيص قنوات التواصل بحيث يكون لكل منها غرض محدد، وذلك خطأ يقع فيه المدراء كما قلنا بسبب اعتمادهم على الوسائل التقليدية مثل البريد الإلكتروني والهاتف أثناء إدارة العاملين في مقر الشركة.

التعقب الدقيق

يحضر العاملون إلى مقر الشركة التقليدي ويسجلون حضورهم ببصماتهم أو توقيعاتهم، وتراهم كاميرات الشركة أثناء تواجدهم فيعلم المدير كيف يقضون أوقاتهم، وكذلك عند خروجهم بعد نهاية يوم العمل، أما عند العمل عن بعد، كيف يعرف المدير أنهم يعملون حقًا؟

هذا الأمر له جانبان، فبعض الوظائف تحتاج إلى تلك المراقبة الدقيقة كوظائف خدمة العملاء في القطاعات التي ترتبط بمواعيد مناسبة للعملاء أنفسهم، إما بمراقبة أوقات الحضور أو مراقبة مقاييس الأداء لتقديم أفضل خدمة ممكنة مع تقليل الوقت اللازم للتعامل مع كل عميل، انظر مثلًا مقال عشرة مقاييس تنتبه إليها أثناء مراقبة نشاط الموظفين في الشركة.

أما في القطاعات اﻷخرى مثل الأعمال التقنية والإدارية وغيرها من الوظائف فلا تُشترط تلك المراقبة الدقيقة إلا في تحقيق مقاييس الأداء مثلًا، وتلك تقيسها أدوات وبرامج بالفعل فلا حاجة لتتبع تسجيلها، وفي تلك الحالة يُفضل إعطاء العاملين فسحة يعملون فيها من غير أن يتدخل المدير في كل صغيرة وكبيرة، ويؤدي سوء إدارة هذه النقطة إلى ما سنذكره أدناه من تظاهر الموظفين بالعمل ليريحوا أنفسهم من لوم المدير.

فقر التواصل غير الرسمي

يقابل المدير العاملين في الشركة وأفراد فريقه أثناء السير في أروقة الشركة ومكاتبها، ويتخلل هذا المحادثات العارضة بين الحين والآخر من السؤال عن الحال واﻷهل وآخر المشاريع التي يعملون عليها، وقد يخبره أحدهم بمشروع أو فكرة يود طرحها على الإدارة أو يظن أنها قد تحل المشكلة التي تعيق تقدم المشروع، فيتناقشان فيها لبضع دقائق ويقرر المدير أن يرشح هذا الموظف في الاجتماع التالي، خاصة إن كان من الموظفين الأحدث الذين قد يخشون الحديث في اجتماعات الشركة أو إبداء آرائهم بسهولة.

وذلك الترشيح وتبادل الأفكار في المحادثات الجانبية وغير الرسمية يفتح الباب أمام الموظفين المميزين للظهور ويعزز فرصهم في الترقيات والمكافآت، وهو ما ليس متاحًا عند العمل عن بعد، أو على الأقل ليس بتلك السهولة وذلك التواتر، فقد يخشى الموظف أن يراسل غيره في أمر غير العمل أو المهمة التي يعملون عليها خشية تشتيت غيره أو إلهائه عن المهمة التي بيده، ظنًا منه أن زميله أو مديره لا شك يعمل الآن.

فعلى المدير هنا أن يفسح الطريق لمحاكاة مثل هذه المحادثات، بتخصيص قناة للحديث غير الرسمي أو المتعلق بالعمل، وبمبادرته بالتواصل مع كل موظف على حدة كل يوم أو في الأسبوع عدة مرات على الأقل، ليتجاذب معه أطراف الحديث دون أن يكون ذلك بدافع العمل بالضرورة.

وتكون قناة التواصل غير الرسمي محاكية لردهة المكتب الحقيقي التي يلتقي فيها العاملون لتجاذب أطراف الحديث، ويجب أن يشدد المدير المسؤول عن قنوات التواصل تلك على خصوصية الأحاديث التي تجري فيها، فلا يُنقل حديث من أحد العاملين فيها ليساءل عنه إلا بإذنه كونها قناة تواصل خاصة ولا تتعلق بالعمل، مع التنبيه على الموظفين من الناحية الأخرى بالتزام أعلى درجات المهنية والأخلاق العالية أثناء التواصل في تلك القنوات، وسيأتي الحديث مرة أخرى عن أمثلة النشاطات التي يمكن تنفيذها للتغلب على عزلة العمل عن بعد، ولا تُهمل فرص اللقاءات الافتراضية غير الرسمية والجوائز التي تُرسل إلى المتميزين في العمل شهريًا أو أسبوعيًا، سواء كانوا من المكتب أو كانوا عن بعد، فذلك يزيد الترابط بين العاملين عن بعد ويوحد لديهم الشعور بالزمان والمكان الذي يعملون فيه.

انتهى يوم الموظف

يتعاقد المدير مع الموظف على ساعات محددة في اليوم، فإذا قضاها ترك الشركة وذهب إلى بيته، فلا يكون بينهما وسيلة تواصل إلا في اليوم التالي، ثم ظهر الهاتف فصار المدير يستطيع إزعاج الموظف في بيته ليلًا إن شاء، ثم ظهرت الأدوات التي بين أيدينا الآن، فما عاد للموظف بيت ولا سكن!

وتلك مشكلة تعاني كثير من الشركات منها سواء العاملة منها عن بعد أو من المكتب، وتتسبب في إرهاق نفسي لأكثر الموظفين وقد تؤدي إلى مشاكل أسرية بسبب انزعاج زوجاتهم من انشغالهم الدائم بالعمل، على أنه توجد شركات تمنع التواصل مع الموظفين في شؤون العمل خارج ساعات العمل الرسمية.

وتظهر هذه المشكلة جلية في العمل عن بعد، بما أن مكتب الشركة هو الحاسوب الذي بين يدي المدير أو برامج إدارة المشاريع التي يستخدمها، ولا يبعد التواصل مع الموظف إلا بضع نقرات فقط على لوحة المفاتيح أو شاشة الهاتف، فكلما تذكر أمرًا أرسل به للموظفين.

  • محمد، تذكرت اليوم أني لم يعجبني تصميم التطبيق، هلا عدلت قالب الألوان غدًا إن شاء الله ليبدو رسميًا أكثر؟
  • أبو أحمد، كيف الحال؟ هلا نظرت في العقد الذي سنوقع عليه غدًا؟ أظن أني رأيت بعض البنود التي قد تسبب مشاكل في الصفحة الرابعة أو الخامسة. بانتظار ردك.
  • حسن، لماذا يتعطل التطبيق كلما أدرت شاشة الهاتف، لقد كان يعمل البارحة، ما التعديلات التي أجريتها عليه؟ ولماذا لم ترد إلى الآن؟ أعلم أنها الواحدة ليلًا، لكن هذه مشكلة طارئة وأريد ردًا عليها لو سمحت!

إن مثل هذه الرسائل مؤذية للغاية وتخرب نمط عمل الموظفين وروتينهم اليومي، وإني أعلم من يغلق وسائل التواصل الخاصة بالعمل ولا يفتحها بعد انتهاء يوم العمل أو في الإجازات الأسبوعية، وكذلك يفعل أحد أقربائي في شركته إذ يغلق هاتفه بعد العشاء مباشرة ولا يفتحه إلا في اليوم التالي، وهو المدير نفسه في هذه الحالة، وشركته لا تعمل عن بعد، بل هي مواقع عمل موزعة في الصحراء وأعالي البحار، فمجرد التفكير في أن لي شركة كهذه يصيبني بالقلق من مقدار المشاكل المحتملة في كل موقع منها كل يوم! ورغم هذا فهو لا يتواصل مع أحد البتة بعد العمل.

فاحرص على إرجاء إرسال تلك الرسائل، أو إن خشيت نسيانها، جدول إرسالها لتكون في صباح اليوم التالي، وذلك متاح في أغلب التطبيقات المستخدمة في العمل عن بعد.

أولويات المشروع

صحيح أن العمل عن بعد يوفر مرونة كبيرة في الجدول الزمني للعمل، سواء كان عملًا حرًا أو منتظمًا، غير أن تلك المرونة تعني أن الموظف معرض أكثر للتشتت من زميله الذي يعمل من المكتب، وهذا بدوره معرض أكثر لذلك الذي يعمل من حاسوب الشركة الذي تمنع الوصول فيه إلى شيء غير العمل.

وهنا يجب وضع أساسيات لأولويات العمل عن بعد لضمان إنجاز الموظفين للمهام في مواقيتها دون تأخير في تنفيذها أو إرهاق للعاملين، والأسهل أن تهيأ بيئة تضمن حدوث تلك التدابير بدلًا من الاعتماد على قوة الإرادة لكل موظف، بدءًا من إضافات المتصفحات التي تحظر مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل مثلًا وصولًا إلى أدوات إدارة جداول العمل اليومية ومتابعة الأداء وتوزيعها الأسبوعي على الفرق العاملة، ونحيلك هنا إلى مقال رفع أداء الموظفين عبر تحديد أهدافهم.

والشائع في إدارة تلك الأولويات والمهام هي أدوات مثل “أنا” التي عملت شركة حسوب على تطويرها مدة لتلبي احتياجاتها الخاصة ابتداءً من إدارة للمشاريع والعمل المشترك، لكن يجب التنبيه هنا على الموظفين أن يسجلوا الدخول إلى أدوات العمل تلك من أجهزة مخصصة للعمل، فلا يسجلوا الدخول إلى صناديق بريد العمل أو لوحات متابعة المهام من حواسيب شخصية أو هواتف خاصة، لتجنب ما نذكره في غير موضع من هذا الكتاب من إرهاق الموظف العامل عن بعد من ناحية، وللحفاظ على أمان بيانات الشركة من ناحية أخرى.

وتلك نقطة يغفل كثير من الموظفين عنها ويقعون فيها رغبة في تسهيل الوصول إلى أدوات وبيانات العمل، دون وعي بمشاكلها، وهي تسجيل الدخول إلى أدوات العمل من الأجهزة الشخصية، فتأتي بالعمل إلى جيب الموظف ليل نهار، ولا يكون عنده فصل حقيقي لا جسدي ولا نفسي عن العمل، وهو أحد أسباب الإرهاق الذهني والجسدي للموظفين سواء العاملين من المكتب أو عن بعد، وأحد أسباب تراجع أدائهم في العمل كذلك على المدى المتوسط والبعيد.

ويفضل تحديد التوقعات المطلوبة من الموظفين في بداية كل مهمة أو أسبوع عمل أو حتى يوم عمل، خاصة إن كان ذلك في بداية عمل الموظفين، أما العاملون الأقدم والأكثر خبرة فلن يحتاجوا إلى كثير متابعة من المدراء، وعلى هذا يبدو الكتاب موجهًا في أغلبه للمدراء الذين يتعاملون مع الموظفين الجدد، أو المنتقلين إلى نمط العمل عن بعد حديثًا، وفي الواقع هذا قريب من هدف الكتاب الذي وُضع له، إذ استهدفنا به المدراء الذين يفكرون في اعتماد العمل عن بعد أو التوظيف عن بعد، إما توظيفًا دائمًا أو تعهيدًا خارجيًا، أو إدارة لمستقلين عبر خدمة مثل مستقل للمؤسسات كما رأينا في الفصول السابقة.

إدارة فريق هجين

قد يعمل بعض أعضاء الفريق من المكتب والبعض الآخر عن بعد، وهنا ينبغي أن ينتبه المدراء انتباهًا شديدً إلى كيفية معاملة الفريق العامل من المكتب.

فقد أتت إحدى المديرات التي لدينا في الشركة ذات صباح ومعها قطع حلوى توزعها على العاملين بالمكتب، ثم أرسلت هي أو أحد الموظفين من المكتب صور الحلوى وهي مع الموظفين إلى العاملين عن بعد، يمازحونهم أن لو أتوا إلى المكتب لحصلوا على الحلوى.

وقد يقف القارئ المدير هنا قائلًا، هذا أمر سخيف، فهل تريدني أن أعدل في مثل هذا؟!

والإجابة التي لدينا هي نعم، لا ريب! لكن دعنا نوضح الأمر قليلًا …

هذا المثال البسيط قد يكون في صور أخرى، تتمثل في المكاتب التي توفرها الشركة للعاملين من المكتب والمكاتب التي لدى العاملين من منازلهم، أليس من العدل أن توفر الشركة نفس المعدات المكتبية للعاملين لديها؟ إن المفاضلة في هذا لصالح مكتب الشركة يرسل رسالةً مفادها أن لو أردت راحة العمل تعال إلى المكتب، فماذا لو كانت امرأة لا تستطيع ترك أولادها أو تعول بيتها لمرض زوجها أو وفاته؟ بل ماذا لو كانت شركتك موزعة في أكثر من دولة؟

وقل مثل هذا على أي شيء قد يحصل عليه العاملون في مقر الشركة ويراه العاملون من المنزل لكنه ليس لديهم أو عليهم توفيره بأنفسهم، ثم يتعدى هذا إلى فرص الترقيات التي ستكون أسهل للعاملين من المكتب بما أنهم يحتكون بالمدراء أكثر.

وهذه الحالة للفرق الهجينة تحتاج إلى رعاية دقيقة من المدراء، إذ يقول فِل جولد Phil Gold صاحب دورة إدارة الفرق البعيدة على موقع LinkedIn Learning أنه قابل من الموظفين في الشركات من يخبره أن مثل تلك الأمور أثرت فيه سلبًا، هذه الأمور التي قد تبدو تافهة مثل الطعام أو الحلوى أو غيرها، وهو أمر غاية في الدقة ينبغي أن ينتبه إليه من يسوس الناس في شركة أو بيت أو غيرها، وإن كان الولد أو الموظف لا يقولها صراحة أحيانًا إلا أنها تبني في النفس غيرة يمكن تجنبها بقليل من الحكمة.

فمثلًا، هناك حل لطيف يبدو سهل التنفيذ وقد حدثني به أحد العاملين في شركة عاملة عن بعد، كما ذكره فِل أيضًا ضمن الأمثلة التي ذكرها في إدارة الفرق الهجينة أن أحد المدراء نفذه أيضًا، وهو ترتيب مع بعض المطاعم لإرسال طعام إلى الحاضرين في الاجتماع في نفس الوقت أثناء الاجتماع.

العدل في المكافآت وفقًا لأداء الموظفين

من المهم عن مكافأة الموظف العامل عن بعد أن يكون ثمة عدل أيضًا، فأولًا ينبغي أن تكون المكافأة أمام الفريق كله سواء العامل عن بعد أو من المكتب، في رسالة بريدية أو أثناء اجتماع أو غير ذلك.

وإن أرسلت هدية إلى رامي أو أظهرت إنجازه كمكافأة فيجب أن تفعل هذا أيضًا لمحمد وسلمى وعمر، بنفس الأسلوب، في كل مرة، أما في حالة الأداء الضعيف، فهذه تكون محادثة على انفراد، فالتوبيخ على العلن أمر ليس محمود العقبى في الفريق، لا للذي توبخه ولا لباقي الفريق الذي لا محالة سيكون في نفس موقفه يومًا ما.

توفيق مواعيد اللقاءات والاجتماعات المهمة

ذكرنا من قبل أن الشركات البعيدة قد تعتمد أسلوب الساعات المتراكبة، وأن هذا له عدة منافع، لكن من ناحية أخرى، كيف تنسق اجتماعًا بين أشخاص في مناطق زمنية مختلفة؟

لنفترض أن لدينا اجتماعًا مهمًا والفريق يعمل عبر عدة دول، من البرازيل إلى الهند مثلًا، فنختار حينها موعدًا مناسبًا لأكثر الفريق، وسيكون لدينا بعض أعضاء الفريق عندها حاضرين للاجتماع في وقت غير مناسب لهم، لكن هذا أفضل ما يمكن فعله، وينبغي عليك كمدير أن تتحمل أنت ذلك الموعد بين الحين والآخر، ليكون أكثر فريقك في مواعيد مناسبة لهم، بينما أنت الذي تحضر في موعد غير مناسب لمنطقتك الزمنية.

الحفاظ على العلاقات قوية مع الموظفين

من السهل التواصل مع أعضاء الفريق كل يوم أكثر من مرة أثناء العمل من المكتب، والدخول إلى تفاصيل عائلية للاطمئنان عليهم دون أن يشعر من يُسأل بالحرج أو الغرابة، لكن هذا مختلف قليلًا حين تأتيك رسالة أثناء العمل تقول “كيف أبلى أحمد في الاختبار اليوم”!

لكن مرة أخرى مثل هذا التواصل ضروري بين أفراد الفريق، فكيف نوفقه؟ لتحرص كمدير على تحديد مواعيد ثابتة كاجتماعات دورية قصيرة للاطمئنان على أعضاء الفريق، والسؤال عن حال كل واحد فيهم كل يوم على حدة، سؤالًا يتعدى “كيف الحال” الذي ستكون إجابته لا شك “الحمد لله”، فتسأله أسئلة تجعله يجيبك بما يجري معه في حاله، كأن تسأله ما أخبار ابنتك سلوى اليوم، أو كيف حال القطة التي كانت مريضة بالأمس، أو هل ذهبت إلى الشاطئ في عطلتك الفائتة؟ وهكذا.

بناء الثقة في الموظفين

على بداهة أمر مثل الثقة بين أي جهتين تتعاملان معًا، إلا أن الثقة تُكتسب في العادة ولا توهب، وتُبنى أهم معايير استحقاقها على عوامل سمعية وبصرية يراها الطرفان المتعاملان، فكيف وقد تعذر ذلك بسبب التواصل البعيد؟

وبناء عليه سيحتاج المدير إلى المبادرة بمنح هذه الثقة للموظفين مع توضيح الأهداف المشتركة والمطلوبة منهم، والحرص على توفير الدعم والمساعدة التي يحتاجون إليها ولو لم يطلبونها، فذلك جزء من تلك الثقة الممنوحة.

وتشمل صور الدعم تلك معاملة الفريق بالاحترام الذي يستحقونه لو كانوا اكتسبوه بالمعاملة، ما لم يثبت ما يقتضي خلاف هذا الاستحقاق، ومطابقة الفعل بالقول وإنجاز الوعود التي تعطيها للفريق.

كذلك ستجد تجاوزات في حق تلك الثقة الممنوحة ينبغي أن تُقابل بالحِلم والنصيحة الحسنة، لئلا تستفز ردود فعل دفاعية بداعي الكِبر وحفظ ماء الوجه فتُحدث شرخًا يصعب التئامه، فيصير التزام الفريق بالعمل دافعه كراهية مساءتك، وليس خشية المساءلة.

وتمامًا على هذه النقطة، وبما أن الدليل موجه للمدراء بالأساس، وقد ذكرنا مرة بعد مرة أهمية النشاطات الاجتماعية غير الرسمية بين أعضاء الفريق، فيجب أن ننبه إلى ألا ينخرط المدير في أحد تلك النشاطات وهو يعلم أنه يخرج فائزًا، خاصة إن كان ذلك الفوز يعني الحصول على جائزة مادية أو امتياز في العمل.

كذلك من صور بناء الثقة ما ذكرناه في موضع آخر في هذا الدليل من إرشاد الموظفين لتحين فرصة ليعملوا معًا في جلسة افتراضية وإن لم يكن العمل على مشروع واحد، أو ضبط موعد راحة أثناء العمل لكوب قهوة أو وجبة خفيفة في تلك الجلسة الافتراضية.

العمل والحياة الشخصية

ذكرنا أن المدير ما هو إلا عامل عن بعد أيضًا كباقي الموظفين الذين تحته، غير أنه يختلف عنهم في أن المدير ينزع كثيرًا إلى العمل أكثر من الموظفين، لمتابعة أدائهم، ومراجعة التقارير التي رفعوها إليه، وحل المشاكل التي تطرأ لبعضهم، والنظر في كيفية سد العجز الذي سببه غياب هذا الموظف أو ذاك، وهكذا، لا تكاد مهام المدير تنتهي إن حملها على كاهله وحده.

ويكاد يبرر لنفسه كل ما يفعله إذا كان يمت للعمل بصلة، فهو يبرر متابعته لبريد الشركة على هاتفه بحرصه على متابعة سير العمل، ودخوله بعد وقت العمل إلى مكتب الشركة الافتراضي أو مراجعة المهام المنجزة أو التي يُخطط لها بأنه يريد اكتشاف أي مشكلة قد تطرأ ليحلها مبكرًا، وليتأكد من كفاءة الخطط الموضوعة والمهام المنجزة.

وهذا واقع مشاهد في حياة أغلب المدراء سواء العاملين عن بعد أو في مقرات الشركات، ويزيد عدد ساعات العمل ومقدار الإجهاد النفسي والجسدي على المدير طرديًا مع زيادة مسؤولياته، فترى المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى يعملون سبعين ساعة وثمانين وتسعين أحيانًا كل أسبوع، وقلما يقتطعون من أوقاتهم إجازات سنوية، ولربما تأثرت حياتهم الاجتماعية سلبًا فلم تتحمل زوجاتهم تلك الحياة -غير الموجودة- فيطلبن الطلاق.

ولا أتوقع أن يكون حل تلك المشاكل في هذه الفقرات البسيطة التي نكتبها، فهذا سيكون تسطيحًا فجًا لهذه المشكلة العميقة، وإنما نترك بين يدي القارئ المفاتيح التي عثرنا عليها أثناء بحثنا لحلول تلك المشاكل لنا أنفسنا حين كنا ندير الموظفين سواء عن بعد أو من مقرات أعمالنا.

تحديد الأولويات

قبل أن تقرر عدد ساعات العمل الأسبوعية والمهام التي تريد العمل عليها، يجب أن تنظر أولًا في أي تلك المهام يجب أن تعمل عليها في هذا الأسبوع، وأيها لا يمكن لغيرك أن ينفذها كي تفوض تنفيذ الباقي إلى غيرك من العاملين معك.

الدنيا “لن تطير”

كنت أحاول استغلال وقتي إلى آخر ذرة فيه كل أسبوع في الأعوام الماضية، ما بين تفقد سير العمل في فروع تجارتي إلى ممارسة الرياضة أحيانًا إلى القراءة إلى الترجمة والكتابة، إلى تعلم دورات ومساقات جديدة، واجتماعات العمل التي لا تبدأ في الأوقات التي خططنا لها، ولا تُناقش فيها البنود التي جُدولت لها، ولا تنتهي إلا بعد ساعة على الأقل من الوقت الذي أردنا إنهاءها فيه!

وكان ذلك كله يضعني في دوامة الإجهاد التي ذكرتها أعلاه للمدراء، وكنت كلما نظرت إلى المهام التي بين يدي لا أرى مهمة يمكن تأجيلها أو إلغاؤها، فلم يكن لدي حل إلا التفويض، فبدأت في هذا رويدًا أحيانًا وبسرعة أحيانًا أخرى، مع تقديم الدعم اللازم للقائم بتلك المهمة حتى يتقنها، وظللت هكذا بضعة أشهر حتى تركت إدارة تجارتي بالكلية إلى أحد شركائي! والغالب في مثل هذه السلوكيات هو رغبة المدير في إنجاز أكبر قدر من المهام في أقل وقت ممكن، غير أن المرء لو ذكر حديث الحض على غرس الفسيلة ولو قامت القيامة لعلم أن أغلب الطوارئ يمكن التعامل معها بضبط نفس، وبتفويض لها إلى بعض الموظفين، ليحافظ المدير على جدول عمله مناسبًا بما يضمن كفاءة عمله من ناحية، وسعادته العائلية من ناحية أخرى، فأي طارئ أعظم من قيام الساعة! ومع هذا لا يترك العامل ما بيده يأسًا أو جزعًا لينظر هذا الطارئ الجديد، فلكلٍ وقته.

العمل للعمل والبيت للبيت

لعل المديرين يتعلمون هذا الأمر من العاملين معهم، فأغلب الموظفين يفصلون هواتف العمل بعد انتهاء ساعات العمل، ويغلقون حواسيب العمل، ولا يردون على الرسائل البريدية الخاصة به، وذلك كله من حقهم، بل من الحقوق التي صارت تكفلها الدول في التشريعات الجديدة للعمل عن بعد.

غير أن المدير يكون على عكس ذلك في الغالب، خاصة إن كان يدير فرق عمل تعمل بساعات متراكبة، فيلجأ إلى استخدام هاتفه الشخصي لمتابعة أداء العاملين، وحاسوبه الشخصي، بل وربما حاسوب أحد الموجودين معه في المنزل إن تطلب الأمر!

وقد يكون في اجتماع أثناء عودته من مكتبه إلى البيت إن كان يعمل من مساحة عمل مشتركة، فيدخل البيت وهو بعد في الاجتماع، ثم بعد العشاء يعود إلى البحث في مجريات ذلك الاجتماع إلى منتصف الليل، ويرد على رسائل بعض العملاء والموظفين وغيرهم، ولا يجد إلا بضع ساعات قبل بدء يوم عمله التالي.

وهذا -على أثره الضار- أتفهمه لطبيعة عمل المدير، غير أنه إن كان ديدنه فيجب أن ينظر جديًا في المهام التي يمكن لغيره تنفيذها فيفوضها إليه، ولجدول عمله مرة أخرى فيحاول تأجيل بعض المهام إلى أسابيع لاحقة إن كانت تؤثر على حياته العائلية، فبعض الشركات مثل 37Signals تتبنى مبدأ النمو البطيء الهادئ، فتقلل ساعات العمل الأسبوعية، وتقلل أيام العمل في الصيف، كي يحظى العاملون بأوقات كافية مع ذويهم، وقد ثبت بتجارب تلك الشركة وغيرها بل وبعض الدول أيضًا أن ست ساعات كل يوم أكثر من كافية لإتمام العمل، وتكون الساعات الباقية هدرًا كان يجب استغلاله في أمور غير العمل، وهذا واضح في غير مجال، كما في حالة مجال التعليم في فنلندا والولايات المتحدة مثلًا، حيث تزيد كفاءة التعليم في فنلندا عن الولايات المتحدة كثيرًا، رغم قلة الساعات التي يقضيها المعلمون في فنلندا عن الولايات المتحدة في التدريس.

ونعيد التذكير بألا يستخدم أجهزته الشخصية لأغراض العمل، فإن كان هذا صحيحًا في حالة الموظفين فإنه في حالة المدير أشد ضرورة، وألا يدخل إلى مكتبه بعد مواعيد العمل أيضًا، فقد ذكرنا مثال مدير الشركة كثيرة العمال والمواقع التابعة لها الذي يغلق هاتفه عند عودته من العمل، وهو رأس الشركة، وكنت أتعجب غاية العجب وقتها من فعله، فماذا لو حدث كذا، وماذا لو وقع كذا، غير أنه فوض إدارة تلك المهام إلى غيره في حال حدوث طارئ أثناء تلك الأوقات، ويحيل مدير كل موقع مشاكل موقعه في ورديات العمل الليلية إلى يوم العمل التالي في الصباح حين يُبلَّغ ذلك إلى إدارة الشركة في مقرها الأم.

العمل من مكتب خارجي أم من المنزل

يختلف تفضيل المدير في عمله من منزله أو من مكتب خاص أو من مساحة عمل مشتركة وفقًا لطبيعة المدير نفسه، ولكل مزاياه وعيوبه، فالبيت يفتقر إلى الخصوصية إلا إذا وضعت قواعد لتنظيم عمله فيه وفصله عن سائر مهام البيت، شأنه في هذا شأن الموظف العامل عن بعد، والمكتب الخاص قد يكون مكلفًا لكنه مفيد في حال إجراء اجتماعات مع عملاء أو موظفين آخرين، سواء عن بعد أو في المكتب نفسه، وكذلك مساحات العمل المشتركة -وإن كان مكتبًا خاصًا فيها- توفر فرصة الوصول إلى عقول جديدة وتقلل عزلة العمل عن بعد.

والواقع أن الغالب سيكون عملًا من المنزل، لتوفير نفقات الإيجار ولباقي المزايا التي ذكرناها في أول السسلسلة وفي كتاب دليل المستقل والعامل عن بعد، خاصة إن كان يتولى المدير رعاية بعض أهله، فإن لم يستطع العمل من المنزل فليتخذ مكتبًا خاصًا به منفصلًا عن المنزل، وإن كان هذا يزيد في تكاليف العمل إلا أنه جد مفيد للتركيز على العمل كما ذكرنا في سياق الكتاب في فصول سابقة وفي هذا المقال، وقد جربته بنفسي لفترات طويلة ورأيت أثره، وكيف أن تكلفة ذلك المكتب لا تعدو كونها بضعة ساعات عمل، ثم يكون كل ما وراءها ربح وزيادة تركيز في العمل، إلى حد أني كدت أن أقلب الغاية التي استأجرت المكتب من أجلها بأن كنت أبيت بعض الليالي فيه لشدة إعجابي بالنتائج التي رأيتها منه!

وهذا الخيار على ندرة ما رأيت اتباع المدراء له إلا أني الآن أنصح به لمن يستطيع، فهو يحقق نقطة “البيت للبيت” التي ذكرناها من قبل، ويحقق فائدة نفسية عظيمة للمدير ولمن يسكن معه في نفس البيت، وهي نقطة لا ينتبه المرء إليها، فالزوجة والأولاد ينتظرون اليوم كله حتى يقضي الرجل من عمله ليجلس إليهم، وكذلك بقية العائلة التي لها حق صلة الرحم، وقد شهدت بنفسي شكاوى زوجات بعض العاملين معنا من استيلاء العمل على وقت زوجها في الليل والنهار، وفي أيام العمل والإجازات، إلى حد أننا كنا نتحايل عليه بشتى الحيل ليقضي إجازة مع أهله، ثم لا نلبث أن نراه عاد إلى مقر العمل مرة أخرى في يوم إجازته لفكرة أراد إخبارنا بها أو لمهمة تذكرها، وذلك قبل عدة أعوام، أي قبل وباء كوفيد وازدهار العمل عن بعد.

أما العمل من مساحات العمل المشتركة، فهو على وجهين بالنسبة للمدراء الذين يديرون فرق عمل عن بعد، فإما أن تكون مساحة العمل تابعة للشركة نفسها، غير أنها تخصصها لمن يرغب في العمل منها أو للموظفين الجدد أو لغير ذلك مما يوافق احتياجات الشركة، وقد رأيت شركات كبيرة تعامل مقراتها على أنها مساحات عمل مشتركة حقًا بعد اعتمادها نظام العمل عن بعد، بل وعلى عكس ما جرى للشركات والمصانع التي كانت تغلق فروعها وتبيعها لعدم حاجتها إليها بعد اعتماد العمل عن بعد، فإن تلك الشركات استثمرت في مقرات أفضل وأكبر وأحدث تجهيزًا وملائمة للعمل عن بعد، وأنشأت تطبيقًا للهاتف فيه تخطيط جميع مقراتها في الدول العاملة فيها، بمواقع المكاتب الموجودة في كل طابق وكل مبنى منها، مع رمز خاص بكل مكتب، وما على الموظف الراغب في العمل من أحد تلك المقرات سوى الدخول إلى التطبيق وحجز المكتب الذي يريده في الأيام التي سيعمل فيها من المكتب، ويوضح كذلك عدد الساعات التي سيشغل فيها مكتبه.

وأما الوجه الثاني فهو أن تدفع الشركة اشتراكات في مساحات العمل القريبة من مواقع عمل موظفيها عن بعد، ليلتقي فيها الفريق في أيام العمل العادية أو في الاجتماعات الهامة ليستفيد من الموارد المتاحة في مساحة العمل المشتركة، أو حتى تدفع ذلك الاشتراك للموظفين الراغبين في ذلك ولا يرغبون في العمل من المنزل لأي سبب كان، ولا يريدون استئجار مكتب خاص أيضًا.

شحن النفس وتخليتها

بعد انتهاء ساعات العمل ينبغي صرف الوقت فيما ينفع لا ريب، ومما ينفع النفس هنا تخليتها مما شغلها سائر يومها في العمل، بممارسة الرياضة أو قضاء الوقت مع الأهل أو القراءة أو حتى مجرد التفكر في الكون أثناء المشي أو الجلوس في المنزل أو في الحديقة، فمطاردة حلول مشاكل العمل في كل وقت يرهق الذهن ويقعده عن تحصيل تلك الحلول، والأولى إعطاؤه فسحة يتنفس فيها من تلك الحلقات المتعاودة للعمل والمهام والمشاكل.

ومنه أيضًا إمتاع العين والنفس بالطبيعة المحيطة بصاحبها، بالنزهات القصيرة في الحدائق أو المناطق ذات الطبيعة الخلابة، أو التخطيط للنزهات المتوسطة أو الطويلة في العطلات كذلك.

الروتين الثمين وفوائده السبعين

نعيد ذكر هذه النصيحة التي نكاد نشير إليها في كل مناسبة تقريبًا، لعلمنا أن العاملين عن بعد يميلون إلى المرونة في العمل، وتنفيذ المهام في الأوقات التي يرغبون فيها، غير أن هذا النمط لا تستقيم الحياة به، خاصة مع إدارة موظفين آخرين.

وعلى ذلك ينبغي تحديد المهام المتكررة كل يوم، وتخصيص وقت ثابت لها ما أمكن، فوقت للقهوة ووقت لمراجعة البريد ووقت للرياضة وأيام أو أوقات للاجتماعات، هذا خلاف الأيام المحددة للإجازات الأسبوعية. فهذا الروتين سيضع كل جزء في حياتك في موضعه الصحيح تلقائيًا، ويعلم الموظفون معك متى تكون متاحًا ومتى لا تفضل الاتصال بك.

وكذلك تخصيص مساحة فارغة من المهام ما أمكن في كل يوم أو كل أسبوع، وتخصيصها للطوارئ أو للراحة في غير الطوارئ، لئلا يبدو جدولك مزدحمًا طوال الوقت بالمهام، حتى إذا جاءت مهمة طارئة لم تستطع تنفيذها.

اليوم الهادئ

يفضل أن تبدأ يوم العمل قبله بساعتين إلى أربع ساعات مثلًا، يتهيأ فيها جسدك لليوم الجديد رويدًا، فتبدأ بالصلاة والرياضة والإفطار مثلًا، فتكون قد غذيت جسدك وروحك معًا، ورفعت مستويات طاقة جسدك إلى أقصاها، وذلك كله ولم تبدأ العمل بعد.

ثم بما أنك المدير هنا ولست الموظف، فلا شك أن مهامك ستكون متغيرة من يوم لآخر وإن تشابهت القوالب العامة لها، لذا أفضل للمدراء أن يراجعوا صناديق بريدهم في بداية اليوم، ثم تنسيق اليوم وفقًا لها، ما لم يكن ثمة طارئ أو مهمة أولى يجب تنفيذها.

وذلك من خبرتي المتواضعة في السنوات الماضية كمدير، إذ لم أكن منخرطًا في المهام اليومية بقدر بقية من معي من الذين كانوا ينظرون في المهام العالقة مباشرةً في أول اليوم، أو يكملون ما كانوا يعملون عليه في اليوم السابق، أما أنا فكنت أتلقى في الغالب الملاحظات والرسائل التي تركوها لي من اليوم السابق لأرى ما يجب فعله بشأنها وتنسيق الموارد البشرية أو المادية وفقًا لها.

لماذا نذكر هذا النمط وكأنه دعوة إلى التراخي في العمل؟! في الواقع، تكون مهمة المدير في الغالب إدارة أفراد العمل لا العمل نفسه، وعلى ذلك تكون أغلب الأمور التي يفعلها في اليوم تؤدي إلى قرارات بالنهاية، فهو في الاجتماع يشرح فكرة أو يستمع إليها، وفي الرسائل يكتب قرارًا أو يقرأ ليتخذ قرارًا، ويوافق على تعديل ما أو يرفضه، وهكذا.

ومثل تلك الأمور كلها تحتاج إلى شخص هادئ النفس رائق البال، ليستطيع الوصول إلى أفضل القرارات المناسبة لشركته، فمثله كمثل القاضي الذي يجب ألا يحكم بين اثنين وهو جائع أو غضبان أو غير ذلك.

تحديات العمل عن بعد للموظفين

تختلف شخصيات العاملين وتفضيلاتهم في العمل، وكذلك تختلف ظروف الشركات التي تسمح بالعمل عن بعد أو تفرضه، ونذكر هنا بعض التحديات التي يواجهها الموظفون أثناء العمل عن بعد، إما التحديات التي ليس لهم يد فيها أو التي تنتج عن سلوك مباشر منهم.

العزلة في العمل

لا شك أن كل موظف يطمح في مكتب خاص به في الشركة، لكنه في الغالب يعمل في مكتب مفتوح فيه غيره من أعضاء فريقه، وسيمر خلال اليوم لا محالة على زملائه وأفراد الأمن وربما بعض أطقم الصيانة للمبنى، هذا غير من يقابلهم في طريقه من البيت إلى العمل والعكس.

أما عند العمل من المنزل، فسيقصر الطريق إلى العمل من بضعة كيلومترات إلى بضعة خطوات، ولن يرى فيها سوى زوجه أو ابنه مثلًا، ثم يدخل إلى مكتبه ويعمل وحيدًا فيه حتى نهاية اليوم.

وقد يمثل هذا بيئة العمل المثلى للبعض، وكابوسًا مخيفًا للبعض الآخر، فالناس تختلف في طبائعها وبيئة العمل التي تكون مريحة لها، وكذلك تختلف باختلاف نوع العمل نفسه، فبعض الوظائف تتطلب هدوءًا وقلة مشتتات، وبعضها يصلحه اجتماع العاملين معًا في مكان واحد.

التظاهر بالعمل

يسمح العمل عن بعد للموظف بحرية أكبر بما أنه في الغالب ليس عليه رقيب في محل العمل، وهذا الأمر فيه بعض أوجه القصور كما أن فيه مزايا عظيمة.

فقد ذكرنا في مقال مدخل إلى العمل عن بعد، أن فيه فوائد اجتماعية للعاملين عن بعد في تمكينهم من تنفيذ مهام لم يكن باستطاعتهم تنفيذها من قبل أو كانوا يقتطعون إجازات من أجلها، كصلة الأرحام وزيارات الطبيب وتوصيل الأولاد إلى المدارس، ومثل الشؤون اليومية التي لا بد منها مثل صلاة الجماعة والذهاب إلى صالات الرياضة في الأوقات التي لا تكون مزدحمة فيها، وهكذا، فتلك من المزايا الكبيرة التي يوفرها العمل عن بعد في كثير من الشركات.

أما وجه القصور هنا فهو شعور المدير أن الموظف يتظاهر بالعمل أو يريد التفلت منه، وشعور الموظف أن عليه المبالغة في إظهار عمله، فتحدث بعض السلوكيات من المدراء والموظفين على حد سواء تجعل بيئة العمل عن بعد غير صحية.

فقد يتهم المدير موظفيه بأنهم كسالى أو مراوغون في أعمالهم، وقد ذكرنا أن إيلون ماسك يريد العاملين في شركة تيسلا أن يعودوا للعمل من مقر الشركة، وأن من يريد العمل من بيته فليذهب إلى شركة أخرى “ليتظاهر” بالعمل فيها.

غير أنه في نفس الوقت كان ينوي السماح للعاملين في شركة تويتر التي أراد شراءها بالعمل من المنزل، فكيف ننظر إلى هذين الموقفين من نفس المدير؟

نقول هنا أن الشركة الأولى في فترة صعبة في إنتاجها، وهي شركة تصنع منتجات حقيقية في مصانع، فإذا أخرج أحد الموظفين تصميمًا جديدًا يقلل معامل السحب Drag coefficient للسيارة بحيث تقل مقاومة الهواء لها فيقل استهلاك البطارية، أو تحديثًا جديدًا لنظام تشغيل السيارة، فهذا يحتاج إلى التواجد على أرض المصنع لاختبار هذا التصميم أو ذلك التحديث مع من سيصنعه ويختبره.

أما في مثال الشركة الأخرى، وهي تويتر، فهي شركة برمجية لا تحتاج من أحد أن يجرب محركًا جديدًا أو يراقب سبائك الصلب أثناء خروجها من الفرن، بل لا تحتاج إلى تزامن عمل أغلب الموظفين حتى أو التصاقهم بالحواسيب طول اليوم، وعلى ذلك فهي تعتمد نفس النهج الذي تعتمده حسوب و 37Signals و Buffer مما ذكرناه في المقال السابق في شأن التواصل غير المتزامن.

وفي تلك البيئات البرمجية التي يكون أغلب العمل التقني فيها هندسيًا ويحتاج إلى كثير من التركيز والتحليل المنطقي، وحتى الأعمال غير الهندسية مثل الترجمة والتصميم المرئي والكتابة وغيرها تحتاج إلى كثير من التفكير والبحث والترتيب، فيغلب على العاملين فيها فترات نشاط وفتور في العمل، فقد يظل الموظف في عصف ذهني واختبار للأفكار والحلول والتصاميم المقترحة وحده أو مع فريقه أسبوعًا أو أسبوعين، دون كتابة سطر برمجي واحد، ثم يصلون إلى نتيجة فينطلق في العمل عدة أيام متواصلة مثلًا، على أنه توجد أنظمة مثل Scrum تعالج مثل تلك العيوب في سير العمل.

وعلى ذلك يخشى الموظف أن مديره في العمل يلاحظ سكونه في أيام العمل أو يظن أنه ترك العمل مبكرًا أو تكاسل فيه، فيلجأ إلى سلوكيات تشبه ما يفعله الموظفون في مقرات الشركة التقليدية من بقاء في المكتب بعد ساعات العمل أو قبله حتى لو لم يكن ينفذ مهامًا حقًا لمجرد أن يراه المدير فيظن أنه مجتهد في العمل.

وأمثلة تلك السلوكيات أن يترك الموظف آثارًا وبصمات إلكترونية في مستندات العمل المشتركة أو ملفات المشروع الذي يعمل عليه لمجرد أن يعرف المدير وزملاؤه أنه كان موجودًا في ذلك الوقت، حتى لو لم تكن تلك المساهمات ذات أهمية، أو يظل متاحًا بعد ساعات العمل مدة أطول لئلا يظن أحد أنه ترك العمل مبكرًا بما أنه لا يراه أحد، وغيرها من السلوكيات التي تزيد من الضغط النفسي على العامل عن بعد ليثبت جدارته في العمل أمام مديره.

ويحضرني في هذا مثال شهير يحدث بين الطلاب في دراستهم، ولا شك أنه ينتقل معهم إلى بيئة العمل، وهو بين الطالب الذي يفكر بيده فيكتب المسوّدات وينشئ نماذج أولية ويجرب الحلول التي يراها للمسائل على الورق فإذا تبين له خطؤها ألقى الأوراق وجلب أوراقًا جديدة، وبين الطالب الذي يظل مطرقًا محدقًا في المسألة دون أن يحرك ساكنًا، ثم إذا وصل إلى الحل السليم أخرج الأوراق وبدأ يكتب.

وباعتبار أن كلا الطالبين مجتهد وعالم بالمسألة التي يحلها، فإن ما يبدو للمعلم أن الطالب الأول هو المجتهد الذي يستحق المكافأة، وأن الثاني إذا جاء بالحل صحيحًا فإنه لا بد قد غشه من غيره بما أنه لم يذكر كيف وصل إليه.

وتلك حالة حقيقية رأيتها وتحدث في بيئتي التعليم والعمل كثيرًا، فيُرفض حل الطالب الثاني لأنه لم يذكر كيف وصل إليه، وهو درس للمدراء الذين لديهم موظفين من ذلك النوع الثاني والذي يُعرف بنمط عمله، فتراه يكتم إشعارات قنوات التواصل أثناء العمل، ويرد على الرسائل البريدية في وقت محدد في اليوم، ويفضل نمط العمل غير المتزامن لأنه يحتاج إلى فترات هدوء للتركيز على إخراج الحل المناسب بما أنه يعالج المشكلة داخل عقله وليس على ورق مفصل بين يديه أو على شاشة الحاسوب.

وإن كنت أنا من النوع الثاني إلا أني أشهد بالكفاءة الشديدة لإخراج الأفكار والحلول على الأوراق أو الحاسوب أو أي وسيط آخر لاختبارها فيه، غير أني أشير بهذا إلى المدير كي لا يسارع بالحكم على الموظف الهادئ الذي لا يترك فوضى خلفه قبل معرفة حقيقة مجريات العمل، وتوضع مقاييس أخرى لقياس الأداء كما ذكرنا تقيس تحقيق خطوات العمل، وليس تحقيق النتائج فقط.

العمل المفرط وإرهاق العمل

قد تكون هذه النقطة مخالفة للمنطق بادي الرأي، فكيف يشعر الموظف الذي يعمل من بيته بالإرهاق؟ والواقع أن الإرهاق هنا يحدث نتيجة خلل في ضبط منظومة العمل من المنزل أو عن بعد، ويمكن سداد ذلك الخلل بوضع قواعد دقيقة للعمل ومتابعته، بحيث لا يختلف العمل من المكتب عن العمل من المنزل.

وهذه مشكلة تمتد جذورها إلى ما قبل العمل عن بعد ووباء كوفيد الذي فرض نظام العمل عن بعد من قبل على العالم، فالمعتاد في اليابان مثلًا أن الموظفين يعملون ساعات كثيرة كل يوم، وليس غريبًا أن ترى موظفًا عائدًا من عمله في الثالثة فجرًا، بل تشكلت حول تلك الثقافة مظاهر بدت خالصة لتلك الأمة، مثل برج ناكاجين Nakagin الذي أنشئ في السبعينات من القرن الماضي إبان ثورة اليابان الصناعية، والمكوّن من كبسولات يمكن فكها وتركيبها، والذي كان أحد أبرز الفئات التي استخدمته هي فئة الموظفين الذين يعملون على مشاريع مهمة وحرجة لكن مساكنهم بعيدة عن الشركة، حيث كانوا يستأجرون كبسولة أو يشترونها ليعودوا إليها آخر النهار للراحة إذ هو أقرب من منازلهم، أو لمتابعة العمل فيها إذا كان يصعب متابعته في المنزل! فكانت إحدى نتائج تلك الثقافة للعمل المضني وتشجيعه أن ظهرت حالة الموت نتيجة العمل الزائد Overwork death أو التي تُعرف باسم كاروشي Karoshi.

وهذه المشكلة لم تكن مقصورة على اليابان وحدها وإن برزت فيها، وباتت الشركات تعلم التأثير السلبي للعمل الزائد دون إجازة على الصحة النفسية والجسدية للموظف، فشرعت شركات كثيرة في وضع قواعد وشروط للعمل الذي يضمن تجنب تلك المشاكل في بيئاتها إذا لم تكن قوانين الدولة العاملة فيها الشركة كافية، خاصة إذا كانت المجالات مستحدثة ولم تواكبها القوانين بعد أو تُرى آثارها بوضوح، كما في المجالات التقنية أو الحوسبية، فإما تمنع الشركة الوصول إلى خوادمها بعد ساعات العمل إلا بتصريح مسبق، أو تضع قواعد صريحة للتعامل مع العمل الزائد برفضه صراحة عند طلب الموظف له أو مساءلته إذا تم من غير إذن وحاجة ملحة، كذلك تشجع الشركات العاملين فيها على قضاء الإجازات الأسبوعية مع ذويهم وبعيدًا عن حواسيب العمل وصناديقه البريدية ما لم تكن ثمة ضرورة لواحد أو أكثر من الموظفين.

خاتمة

تطرقنا في هذا المقال إلى أبرز التحديات التي تواجه المدير العامل عن بعد في تنظيم يوم عمله، وأفضل الاستراتيجيات التي يمكن لكل شركة استخدامها للتغلب على هذه المشكلات والاستمتاع بالمزايا الكاملة التي يقدمها العمل عن بُعد. بالإضافة لعرض أساليب حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية للمديرين، وحاولنا الإجابة عن تساؤل حول خيار المكان المناسب للعمل عن بُعد، وأخيرًا تحدثنا حول عادات لصياغة يوم عمل مثالي لك عن بُعد كمدير.

ونكون بهذا قد شرحنا ماهية العمل البعيد من منظور مدير الفريق أو الشركة، وكيفية تأسيس بيئة العمل المناسبة للعمل عن بعد، ثم توظيف العاملين وإدارتهم، وها نحن في تحديات الإدارة البعيدة، ويبقى لنا المقال الأخير الذي نتحدث فيه عن استقرار الشركة البعيدة وتطورها.

تطور الشركات العاملة عن بعد
آليات الإدارة لشركة تعمل عن بعد

Leave a Comment